المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز
هذا توقيف للنبي صلى الله عليه وسلم وتقرير بمعنى: لجعل هؤلاء الكفرة الذين يخالفونك وراء
ظهرك ولا تهتم بهم، فقد انتقم الله من أولئك الأقوياء الشداد، فيكف هؤلاء و { الجنود } الجموع المعدة
للقتال، والجري نحو غرض واحد، وناب { فرعون } في الذكر مناب قومه وآله، إذ كان رأسهم
و { فرعون وثمود } في موضع خفض على البدل من { الجنود } ، ثم ترك القول بحالة، وأضرب عنه إلى
الإخبار بأن هؤلاء الكفار بمحمد عليه السلام وشرعه لا حجة لهم عليه ولا برهان بل هو تكذيب مجرد
سببه الحسد، ثم توعدهم بقوله: { والله من ورائهم محيط }، أي وعذاب الله ونقمته، وقوله: { من
ورائهم }، معناه: ما يأتي بعد كفرهم وعصيانهم، ثم أعرض عن تكذيبهم مبطلاً له ورداً عليه، أنه { قرآن
مجيد } أي مذمة فيه، وهذا مما تقدم من وصف الله تعالى بالمجد والتمجد، وقرأ ابن السميفع اليماني
" قرآنُ مجيدٍ" على الإضافة، وأن يكون الله تعالى، هو المجيد، و "اللوح": هو اللوح المحفوظ الذي فيه
جميع الأشياء، وقرأ خفض القراء: "في لوحٍ محفوظٍ" بالخفض صفة لـ { لوح } المشهور بهذه الصفة،
وقرأ نافع وحده بخلاف عنه وابن محيصن والأعرج: "محفوظٌ" بالرفع صفة القرآن على نحو قوله تعالى:
{ { وإنا له لحافظون } [الحجر: 9]، أي هو محفوظ في القلوب، لا يدركه الخطأ والتعديل، وقال أنس: إن
اللوح المحفوظ هو في جبهة إسرافيل، وقيل: هو من درة بيضاء قاله ابن عباس، وهذا كله مما قصرت به
الأسانيد، وقرأ ابن السميفع: "في لُوح" بضم اللام.
نجز تفسير { البروج } والحمدلله رب العالمين.