التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ
٢٨
فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ
٢٩
-يونس

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ويوم نحشرهم جميعاً } قال ابن عباس: يُجمع الكفار وآلهتهم. { ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم } أي: آلهتكم. قال الزجاج: «مكانكم» منصوب على الأمر، كأنهم قيل لهم: انتظروا مكانكم حتى نفصل بينكم، والعرب تتوعَّد فتقول: مكانك، أي: انتظر مكانك، فهي كلمة جرت على الوعيد.

قوله تعالى: { فزيَّلنا بينهم } وقرأ ابن أبي عبلة: «فزايلنا» بألف، قال ابن عباس: فرَّقنا بينهم وبين آلهتهم. وقال ابن قتيبة: هو من زال يزول وأزلته. وقال ابن جرير: إِنما قال «فزيلنا» ولم يقل: «فزلنا» لإرادة تكرير الفعل وتكثيره.

فإن قيل: «كيف تقع الفرقة بينهم وهم معهم في النار، لقوله: { إِنكم وما تعبدون من دون الله حَصَب جهنم } [الأنبياء: 98]؟

فالجواب: أن الفرقة وقعت بتبّري كل معبود ممن عبده، وهو قوله: { وقال شركاؤهم }، قال ابن عباس: آلهتهم، يُنْطِق الله الأوثان، فتقول: { ماكنتم إِيانا تعبدون } أي: لا نعلم بعبادتكم لنا، لأنه ما كان فينا روح، فيقول العابدون: بلى قد عبدناكم، فتقول الآلهة: { فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم إِن كنا عن عبادتكم لغافلين } لا نعلم بها. قال الزجاج: { إِن كنا } معناه: ما كنا إِلا غافلين.

فإن قيل: ما وجه دخول الباء في قوله: { فكفى بالله شهيداً }؟

فعنه جوابان.

أحدهما: أنها دخلت للمبالغة في المدح كما قالوا: أَظْرِفْ بعبد الله، وأنبل بعبد الرحمن، وناهيك بأخينا، وحسبك بصديقنا، هذا قول الفراء وأصحابه.

والثاني: أنها دخلت توكيداً للكلام، إِذ سقوطها ممكن، كما يقال: خذ بالخطام، وخذ الخطام، قاله ابن الأنباري.