التفاسير

< >
عرض

أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ
١
حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ
٢
كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
٣
ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
٤
كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ
٥
لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ
٦
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ
٧
ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ
٨
-التكاثر

زاد المسير في علم التفسير

قوله [تعالى]: { ألهاكم } وقرأ أبو بكر الصِّدِّيق، وابن عباس، والشعبي، وأبو العالية، وأبو عمران، وابن أبي عبلة: «أَأَلهاكم» بهمزتين مقصورتين على الاستفهام. وقرأ معاوية، وعائشة «آلهاكم» بهمزة واحدة ممدودة استفهاماً أيضاً. ومعنى ألهاكم: شغلكم عن طاعة الله وعبادته. وفي المراد بالتكاثر ثلاثة أقوال.

أحدها: التكاثر بالأموال والأولاد، قاله الحسن.

والثاني: التفاخر بالقبائل والعشائر، قاله قتادة.

والثالث: التشاغل بالمعاش والتجارة، قاله الضحاك.

وفي قوله تعالى { حتى زرتم المقابر } قولان.

أحدهما: حتى أدرككم الموت على تلك الحال، فصرتم في المقابر زُوَّاراً ترجعون منها إلى منازلكم من الجنة أو النار، كرجوع الزائر إلى منزله.

والثاني: حتى زرتم المقابر فَعَدَدْتم من فيها [من] موتاكم.

قوله تعالى: { كلا } قال الزحاج: هي ردع وتنبيه. والمعنى: ليس الأمر الذي ينبغي أن يكونوا عليه التكاثر.

قوله تعالى: { سوف تعلمون } عاقبة تكاثركم وتفاخركم إذا نزل بكم الموت. وقيل: العلم الأول: يقع عند نزول الموت. والثاني: عند نزول القبر.

قوله تعالى: { كلا لو تعلمون علم اليقين } المعنى: لو تعلمون الأمر علماً يقيناً لَشَغَلَكم ما تعلمون عن التكاثر، والتفاخر. وجواب «لو» محذوف: وهو ما ذكرنا. ثم أوعدهم وعيداً آخر فقال تعالى: { لَتَرَوُنَّ الجحيم } قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة «لتَرون» «ثم لتَرونها» بفتح التاء. وقرأ مجاهد، وعكرمة، وحميد، وابن أبي عبلة «لتُرون» «لتُرونها» بضم التاء فيهما من غير همز { ثم لَتَرَوُنَّها عين اليقين } أي: مشاهدة، فكان المراد بـ «عين اليقين» نفسه، لأن عين الشيء: ذاته.

قوله تعالى: { ثم لتسألُنَّ يومئذ عن النعيم } اختلفوا، هل هذا السؤال عام، أم لا؟ على قولين.

أحدهما: أنه خاص للكفار، قاله الحسن.

والثاني: عام، قاله قتادة. وللمفسرين في المراد بالنعيم عشرة أقوال.

أحدها: أنه الأمن والصحة، رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتارة يأتي موقوفاً عليه، وبه قال مجاهد والشعبي.

والثاني: أنه الماء البارد، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والثالث: أنه الخبز البُرّ والماءُ العَذْبُ، قاله أبو أُمامة.

والرابع: أنه ملاذ المأكول والمشروب، قاله جابر بن عبد الله.

والخامس: أنه صحة الأبدان، والأسماع، والأبصار، قاله ابن عباس. وقال قتادة: هو العافية.

والسادس: أنه الغداء والعشاء، قاله الحسن.

والسابع: الصحة والفراغ، قاله عكرمة.

والثامن: كل شيء من لذة الدنيا، قاله مجاهد.

والتاسع: أنه إنعام الله على الخلق بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم، قاله القرظي.

والعاشر: أنه صنوف النعم، قاله مقاتل.

والصحيح أنه عام في كل نعيم، وعام في جميع الخلق، فالكافر يسأل توبيخاً إذا لم يشكر المنعم، ولم يوحِّده. والمؤمن يسأل عن شكرها. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: "ثلاث لا أسأل عبدي عن شكرهن وأسأله عما سوى ذلك، بيت يُكنُّه؛ وما يقيم به صلبه من الطعام، وما يواري به عورته من اللباس" .