وفي «الكوثر» ستة أقوال.
أحدها: أنه نهر في الجنة. روى البخاري في أفراده من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"بينا أنا أسير في الجنة إذا بنهر حافتاه قباب الدُّرِّ المجوَّف. قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك عز وجل، فإذا طِينُه، أو طيبه، مسك أذفر" .
وروى مسلم أيضاً في أفراده من حديث أنس أيضاً قال:
"أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسِّماً إما قال لهم، وإما قالوا له: لم ضَحِكْتَ؟ فقال: إنه أُنزل عليَّ الآن آنفاً سورة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم { إنا أعطيناك الكوثر } حتى ختمها. وقال: هل تدرون ما الكوثر؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هو نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة عليه خير كثير تَرِدُ عليه أُمتي يوم القيامة آنيته عدد كواكب السماء، يختلج العبد منهم، فأقول: يا رب إنه من أمتي، فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" . والثاني: أن الكوثر: الخير الكثير الذي أُعْطِيَ نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، قاله ابن عباس.
والثالث: العلم والقرآن، قاله الحسن.
والرابع: النبوة، قاله عكرمة.
والخامس: أنه حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يكثر الناس عليه، قاله عطاء.
والسادس: أنه كثرة أتباعه، وأمته، قاله أبو بكر بن عياش.
قوله تعالى: { فصل لربك } في هذه الصلاة ثلاثة أقوال.
أحدها: صلاة العيد. وقال قتادة: صلاة الأضحى.
والثاني: صلاة الصبح بالمزدلفة، قاله مجاهد.
والثالث: الصلوات الخمس، قاله مقاتل.
وفي قوله تعالى: { وانحر } خمسة أقوال.
أحدها: اذبح يوم النحر، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال عطاء، ومجاهد، والجمهور.
والثاني: وضع اليمين على اليسرى عند النحر في الصلاة.
والثالث: أنه رفع اليدين بالتكبير إلى النحر، قاله أبو جعفر محمد بن علي.
والرابع: أن المعنى: صل لله، وانحر لله، فإن ناساً يصلون لغيره، وينحرون لغيره، قاله القرظي.
والخامس: أنه استقبال القبلة بالنحر، حكاه الفراء.
قوله تعالى: { إن شانئك } اختلفوا فيمن عنى بذلك على خمسة أقوال.
أحدها: أنه العاص بن وائل السهمي، قاله ابن عباس: نزلت في العاص ابن وائل، لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب المسجد فوقف يحدثه حتى دخل العاص المسجد، وفيه أُناس من صناديد قريش، فقالوا له: مَن الذي كنتَ تُحَدِّث؟ قال: ذاك الأبتر، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا يسمون من ليس له ابن: أبتر، فأنزل الله عز وجل هذه السورة. وممن ذهب إلى أنها نزلت في العاص سعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة.
والثاني: أنه أبو جهل، روي عن ابن عباس أيضاً.
والثالث: أبو لهب، قاله عطاء.
والرابع: عقبة بن أبي معيط، قاله شمر بن عطية.
والخامس: أنه عنى به جماعة من قريش، قاله عكرمة. والشانىء: المبغض، والأبتر: المنقطع عن الخير.