قوله تعالى: { قل لعبادي الذين آمنوا } أسكن ابن عامر، وحمزة، والكسائي ياء «عبادي».
قوله تعالى: { يقيموا الصلاة } قاله ابن الأنباري: معناه: قل لعبادي: أقيموا الصلاة وأنفِقوا، يقيموا وينفقوا، فحُذف الأمران، وتُرك الجوابان، قال الشاعر:
فأيُّ امرىءٍ أَنْتَ أَيُّ امْرِىءٍ إِذا قِيْلَ في الحَرْبِ من يُقْدِمُ
أراد: إِذا قيل: من يُقدم تُقْدِمُ. ويجوز أن يكون المعنى: قل لعبادي أقيموا الصلاة، وأنفقوا، فصُرف عن لفظ الأمر إِلى لفظ الخبر. ويجوز أن يكون المعنى: قل لهم ليُقيموا الصلاة، وليُنفقوا، فحذف لام الأمر، لدلالة «قل» عليها. قال ابن قتيبة: والخِلال مصدر خالَلْت فلاناً خلالاً ومُخالَّة، والاسم الخُلَّة، وهي الصداقة. قوله تعالى: { وسخَّر لكم الأنهار } أي: ذلَّلها، تجري حيث تريدون، وتركبون فيها حيث تشاؤون. { وسخر لكم الشمس والقمر } لتنتفعوا بهما وتستضيئوا بضوئهما { دائبين } في إِصلاح ما يُصلحانه من النبات وغيره، لا يفتران. ومعنى الدؤوب: مرور الشيء في العمل على عادة جارية فيه. { وسخَّر لكم الليل } لتسكنوا فيه، راحة لأبدانكم، { والنهار } لتنتفعوا بمعاشكم، { وآتاكم من كل ما سألتموه } وفيه خمسة أقوال:
أحدها: أن المعنى: من كل الذي سألتموه، قاله الحسن، وعكرمة.
والثاني: من كل ما سألتموه، لو سألتوه، قاله الفراء.
والثالث: وآتاكم من كل شيء سألتموه شيئاً، فأضمر الشيء، كقوله:
{ وأوتيتْ من كل شيء } [النمل 23] أي، من كل شيء في زمانها شيئاً، قاله الأخفش. والرابع: من كل ما سألتموه، وما لم تسألوه، لأنكم لم تسألوا شمساً ولا قمراً ولا كثيراً من النِّعم التي ابتدأ كم بها، فاكتُفي بالأول من الثاني، كقوله:
{ { سرابيل تقيكم الحر } [النحل 81]، قاله ابن الأنباري. والخامس: على قراءة ابن مسعود، وأبي رزين، والحسن، وعكرمة، وقتادة، وأبان عن عاصم، وأبي حاتم عن يعقوب: «من كلٍّ ما» بالتنوين من غير إِضافة، فالمعنى: آتاكم من كُلٍّ ما لم تسألوه، قاله قتادة، والضحاك.
قوله تعالى: { وإِن تعُدُّوا نِعمة الله } أي: إِنعامه { لا تحصوها } لا تُطيقوا الإِتيان على جميعها بالعَدِّ لكثرتها. { إِن الإِنسان } قال ابن عباس: يريد أبا جهل. وقال الزجاج: الإِنسان اسم للجنس يُقصَد به الكافر خاصة.
قوله تعالى: { لظَلوم كَفَّار } الظَّلوم هاهنا: الشاكرُ غيرَ مَن أنعم عليه، والكَفَّار: الجحود لنِعم الله تعالى. قوله تعالى: { اجعل هذا البلد آمنا } قد سبق تفسيره في سورة [البقرة:126].
قوله تعالى: { واجنبني وبَنيَّ } أي: جنِّبني وإِياهم، والمعنى: ثبِّتني على اجتناب عبادتها. { رب إِنهن أضللن كثيراً من الناس } يعني: الأصنام، وهي لا توصَف بالإِضلال ولا بالفعل، ولكنهم لما ضلّوا بسببها، كانت كأنها أضلَّتهم. { فمن تبعني } أي: على ديني التوحيد { فإنه مِنّي } أي: فهو على مِلَّتي، { ومن عصاني فإنك غفور رحيم } فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: ومن عصاني ثم تاب فانك غفور رحيم، قاله السدي.
والثاني: ومن عصاني فيما دون الشرك، قاله مقاتل بن حيان.
والثالث: ومن عصاني فكفر فإنك غفور رحيم أن تتوب عليه فتهديه إِلى التوحيد، قاله مقاتل بن سليمان. وقال ابن الأنباري: يحتمل أن يكون دعا بهذا قبل أن يُعلِمه الله تعالى أنه لا يغفر الشرك كما استغفر لأبيه.