قوله تعالى: {قال أبشَّرتموني} أي: بالولد {على أن مسَّني الكِبَرُ} أي: على حالة الكِبَر والهرم {فبم تُبشِّرونَ} قرأ أبو عمر، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «تُبشِّرونَ» بفتح النون. وقرأ نافع بكسر النون، ووافقه ابن كثير في كسرها، لكنه شددها. وهذا استفهام تعجب، كأنه عجب من الولد على كِبَرِه. {قالوا بشَّرناك بالحق} أي: بما قضى الله أنه كائن {فلا تكن من القانطين} يعني: الآيسين. {قال ومن يقنط} قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة: «ومن يقنَط» بفتح النون في جميع القرآن. وقرأ أبو عمرو، والكسائي: «يقنِط» بكسر النون. وكلهم قرؤوا
{ من بعد ماقَنَطوا } [الشورى:28] بفتح النون. وروى خارجة عن أبي عمرو «ومن يقنُط» بضم النون. قال الزجاج: يقال: قنِط يقنَط، وقنَط يقنِط، والقُنوط بمعنى اليأس، ولم يكن إِبراهيم قانطاً، ولكنه استبعد وجود الولد. {قال فما خطبكم} أي: ما أمرُكم؟ {قالوا إِنا أُرسلنا} أي: بالعذاب. وقوله: {إِلا آل لوط} استثناء ليس من الأول. فأما آل لوط، فهم أتباعه المؤمنون. قوله تعالى: {إِنا لمنجوهم} قرأ ابن كثير، ونافع وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: «لمنجُّوهم» مشددة الجيم. وقرأ حمزة، والكسائي «لمُنجوهم» خفيفة.
قوله تعالى: {إِلا امرأته} المعنى: إٍنا لمنجوهم إِلا امرأته {قدَّرنا} وروى أبو بكر عن عاصم «قَدَرْنا» بالتخفيف، والمعنى واحد، يقال: قدَّرت وقدّرْت، والمعنى: قضينا {إِنها لمن الغابرين} يعني: الباقين في العذاب.
قوله تعالى: {إِنكم قوم منكرون} يعني: لا أعرفكم، {قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون} يعنون: العذاب، كانوا يشكّون في نزوله. {وأَتيناك بالحق} أي: بالأمر الذي لا شك فيه من عذاب قومك.
قوله تعالى: {واتَّبِعْ أدبارهم} أي: سِرْ خلفهم {وامضوا حيث تؤمرون} أي: حيث يأمركم جبريل.
وفي المكان الذي أُمِروا بالمضي إِليه قولان:
أحدهما: أنه الشام، قاله ابن عباس. والثاني: قرية من قرى قوم لوط، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: {وقضينا إِليه ذلك الأمر} أي: أوحينا إِليه ذلك الأمر، أي: الأمر بهلاك قومه، قال الزجاج: فسَّر: ما الأمر بباقي الآية، والمعنى: وقضينا إِليه أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين. فأما الدابر، فقد سبق تفسيره [الأنعام:45]، والمعنى: إِن آخر من يبقى منكم يَهْلِك وقت الصبح.