التفاسير

< >
عرض

وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلْنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
١٢
وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ
١٣
وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
١٤
وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
١٥
وَعَلامَاتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ
١٦
-النحل

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وما ذرأ لكم } أي: وسخر ما ذرأ لكم. وذرأ بمعنى: خلق. و «سخر البحر» أي: ذلَّله للركوب والغوص فيه { لتأكلوا منه لحماً طريّاً } يعني: السمك { وتستخرجوا منه حلية تلبسونها } يعني: الدُّر، واللؤلؤ، والمرجان، وفي هذا دلالة على أن حالفاً لو حلف: لا يلبس حُلِيّاً، فلبس لؤلؤاً، أنه يحنث، وقال أبو حنيفة: لا يحنث.

قوله تعالى: { وترى الفلك } يعني: السفن. وفي معنى { مَوَاخِرَ } قولان:

أحدهما: جواري، قاله ابن عباس. قال اللغويون: يقال: مخرت السفينة مَخْراً: إِذا شقت الماء في جريانها.

والثاني: المواقر، يعني: المملوءة، قاله الحسن.

وفي قوله تعالى: { ولتبتغوا من فضله } قولان:

أحدهما: بالركوب فيه للتجارة ابتغاء الربح من فضل الله.

والثاني: بما تستخرجون من حليته، وتصيدون من حيتانه. قال ابن الأنباري: وفي دخول الواو في قوله تعالى: { ولتبتغوا من فضله } وجهان:

أحدهما: أنها معطوفة على لامٍ محذوفة، تقديره: وترى الفلك مواخر فيه لتنتفعوا بذلك ولتبتغوا.

والثاني: أنها دخلت لفعل مضمر، تقديرهُ: وفعل ذلك لكي تبتغوا.

قوله تعالى: { وألقى في الأرض رواسي } أي: نصب فيها جبالاً ثوابت { أن تميد } أي: لئلاَّ تميد، وقال الزجاج: كراهة أن تميد، يقال: ماد الرجل يميد مَيْداً: إِذا أُدير به، وقال ابن قتيبة: الميد: الحركة والمَيْل، يقال: فلان يميد في مشيته، أي: يتكفَّأ.

قوله تعالى: { وأنهاراً } قال الزجاج: المعنى: وجعل فيها سُبُلاً، لأن معنى «ألقى»: «جعل»، فأما السبل، فهي الطرق. { ولعلكم تهتدون } أي: لكي تهتدوا إِلى مقاصدكم.

قوله تعالى: { وعلامات } فيها ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها معالم الطرق بالنهار، وبالنجم هم يهتدون وبالليل، رواه العوفيّ عن ابن عباس.

والثاني: أنها النجوم أيضاً، منها ما يكون علامة لا يُهتدى به، ومنها ما يُهتدى به، قاله مجاهد، وقتادة، والنخعي.

والثالث: الجبال، قاله ابن السائب، ومقاتل.

وفي المراد بالنجم أربعة أقوال:

أحدها: أنه الثريّا، والفرقدان، وبنات نعش، والجدي، قاله السدي.

والثاني: أنه الجَدْي، والفرقدان، قاله ابن السائب.

والثالث: أنه الجدي وحده، لأنه أثبتُ النجومِ كلِّها في مركزه، ذكره الماوردي.

والرابع: أنه اسم جنس، والمراد جميع النجوم، قاله الزجاج، وقرأ الحسن، والضحاك، وأبو المتوكل، ويحيى بن وثاب: «وبالنُّجْم» بضم النون وإِسكان الجيم، وقرأ الجحدري: «وبالنُّجُم» بضم النون والجيم، وقرأ مجاهد: «وبالنجوم» بواوٍ على الجمع.

وفي المراد بهذا الاهتداء قولان:

أحدهما: الاهتداء إِلى القِبلة. والثاني: إِلى الطريق في السفر.