التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ
٥١
وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ
٥٢
-النحل

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وقال الله لا تتخذوا إِلهين اثنين } سبب نزولها: أن رجلاً من المسلمين دعا الله في صلاته، ودعا الرحمن، فقال رجل من المشركين: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً، فما بال هذا يدعو ربين اثنين؟ فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. قال الزجاج: ذِكْر الاثنين توكيد، كما قال تعالى: { إِنما هو إِله واحد }.

قوله تعالى: { وله الدِّين واصِباً } في المراد بالدِّين أربعة أقوال:

أحدها: أنه الإِخلاص، قاله مجاهد. والثاني: العبادة، قاله سعيد بن جبير.

والثالث: شهادة أن لا إِله إِلاّ الله، وإِقامة الحدود، والفرائض، قاله عكرمة.

والرابع: الطاعة، قاله ابن قتيبة.

وفي معنى «واصباً» أربعة أقوال:

أحدها: دائماً، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وعكرمة، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، وابن زيد، والثوري، واللغويون. قال أبو الأسود الدؤلي:

لا أَبْتَغِي الحمدَ القَليلَ بَقَاؤُه يوماً بِذَمِّ الدَّهْرِ أجْمَعَ وَاصِبَا

قال ابن قتيبة: معنى الكلام: أنه ليس من أحدٍ يُدَان له ويُطاع إِلاّ انقطع ذلك عنه بزوالٍ أو هَلَكةٍ، غيرَ الله عز وجل، فإن الطاعة تدوم له.

والثاني: واجباً، رواه عكرمة عن ابن عباس.

والثالث: خالصاً، قاله الربيع بن أنس.

والرابع: وله الدين موصباً، أي: متعباً، لأن الحق ثقيل، وهو كما تقول العرب: همٌّ ناصب، أي: مُنْصِبٌ، قال النابغة:

كِلِينِي لِهَمٍّ يا أُمَيْمَةُ ناصِبِ وليلٍ أقاسيه بطيىءِ الكواكبِ

ذكره ابن الأنباري. قال الزجاج: ويجوز أن يكون المعنى: له الدين، والطاعة، رضي العبد بما يُؤمَر به وسهل عليه، أو لم يسهل، فله الدين وإِن كان فيه الوصب، والوصب، شدة التعب.