قوله تعالى: {ولا تقربوا الزنا} وقرأ أبو رزين، وأبو الجوزاء، والحسن: بالمد. قال أبو عبيدة: وقد يمد «الزنا» في كلام أهل نجد، قال الفرزدق:
أبا حَاضِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤه ومَنْ يَشْرَبِ الخُرْطُوْمَ يُصْبِحْ مُسَكَّرا
وقال أيضاً:أخضبتَ فِعْلَك للزِّنَاءِ ولم تَكُنْ يَوْمَ اللِّقَاءِ لتَخْضِبَ الأبْطَالا
وقال آخر:[كانت فريضةُ ما تقول] كَمَا كَانَ الزِّنَاءُ فَرِيْضَةَ الرَّجْمِ
قوله تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله} قد ذكرناه في [الأنعام: 151]. قوله تعالى: {فقد جعلنا} قال الزجاج: الأجود إِدغام الدال مع الجيم، والإِظهار جيد بالغ، إِلاَّ أنَّ الجيم من وسط اللسان، والدال من طرف اللسان، والإِدغام جائز، لأن حروف وسط اللسان تقرب من حروف طرف اللسان. ووليُّه: الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه، فإن لم يكن له وليٌّ، فالسُّلطان وليُّه.
وللمفسرين في السُّلطان قولان.
أحدهما: أنه الحُجَّة، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه الوالي، والمعنى: {فقد جعلنا لوليه سلطاناً} ينصره ويُنْصِفه في حَقِّه، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: {فلا يُسرف في القتل} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم: «فلا يسرف» بالياء. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: بالتاء.
وفي المشار إِليه في الآية قولان.
أحدهما: أنه وليُّ المقتول. وفي المراد بإسرافه خمسة أقوال. أحدها: أن يَقتُل غير القاتل، قاله ابن عباس، والحسن.
والثاني: أن يقتُل اثنين بواحد، قاله سعيد بن جبير.
والثالث: أن يقتُل أشرف مِن الذي قُتل، قاله ابن زيد.
والرابع: أن يمثِّل، قاله قتادة.
والخامس: أن يتولى هو قتل القاتل دون السلطان، ذكره الزجّاج.
والثاني: أن الإِشارة إِلى القاتل الأول، والمعنى: فلا يسرف القاتل بالقتل تعدّياً وظلماً، قاله مجاهد.
قوله تعالى: {إِنه كان منصوراً} أي: مُعاناً عليه.
وفي هاء الكناية أربعة أقوال.
أحدها: أنها ترجع إِلى الولي، فالمعنى: إِنه كان منصوراً بتمكينه من القَوَد، قاله قتادة، والجمهور.
والثاني: أنها ترجع إِلى المقتول، فالمعنى: إِنه كان منصوراً بقتل قاتله، قاله مجاهد.
والثالث: أنها ترجع إِلى الدم، فالمعنى: إِن دم المقتول كان منصوراً، أي: مطلوباً به.
والرابع: أنها ترجع إِلى القتل، ذكر القولين الفراء.