التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً
٣٢
وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً
٣٣
-الإسراء

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ولا تقربوا الزنا } وقرأ أبو رزين، وأبو الجوزاء، والحسن: بالمد. قال أبو عبيدة: وقد يمد «الزنا» في كلام أهل نجد، قال الفرزدق:

أبا حَاضِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤه ومَنْ يَشْرَبِ الخُرْطُوْمَ يُصْبِحْ مُسَكَّرا

وقال أيضاً:

أخضبتَ فِعْلَك للزِّنَاءِ ولم تَكُنْ يَوْمَ اللِّقَاءِ لتَخْضِبَ الأبْطَالا

وقال آخر:

[كانت فريضةُ ما تقول] كَمَا كَانَ الزِّنَاءُ فَرِيْضَةَ الرَّجْمِ

قوله تعالى: { ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله } قد ذكرناه في [الأنعام: 151].

قوله تعالى: { فقد جعلنا } قال الزجاج: الأجود إِدغام الدال مع الجيم، والإِظهار جيد بالغ، إِلاَّ أنَّ الجيم من وسط اللسان، والدال من طرف اللسان، والإِدغام جائز، لأن حروف وسط اللسان تقرب من حروف طرف اللسان. ووليُّه: الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه، فإن لم يكن له وليٌّ، فالسُّلطان وليُّه.

وللمفسرين في السُّلطان قولان.

أحدهما: أنه الحُجَّة، قاله ابن عباس.

والثاني: أنه الوالي، والمعنى: { فقد جعلنا لوليه سلطاناً } ينصره ويُنْصِفه في حَقِّه، قاله ابن زيد.

قوله تعالى: { فلا يُسرف في القتل } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم: «فلا يسرف» بالياء. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: بالتاء.

وفي المشار إِليه في الآية قولان.

أحدهما: أنه وليُّ المقتول. وفي المراد بإسرافه خمسة أقوال. أحدها: أن يَقتُل غير القاتل، قاله ابن عباس، والحسن.

والثاني: أن يقتُل اثنين بواحد، قاله سعيد بن جبير.

والثالث: أن يقتُل أشرف مِن الذي قُتل، قاله ابن زيد.

والرابع: أن يمثِّل، قاله قتادة.

والخامس: أن يتولى هو قتل القاتل دون السلطان، ذكره الزجّاج.

والثاني: أن الإِشارة إِلى القاتل الأول، والمعنى: فلا يسرف القاتل بالقتل تعدّياً وظلماً، قاله مجاهد.

قوله تعالى: { إِنه كان منصوراً } أي: مُعاناً عليه.

وفي هاء الكناية أربعة أقوال.

أحدها: أنها ترجع إِلى الولي، فالمعنى: إِنه كان منصوراً بتمكينه من القَوَد، قاله قتادة، والجمهور.

والثاني: أنها ترجع إِلى المقتول، فالمعنى: إِنه كان منصوراً بقتل قاتله، قاله مجاهد.

والثالث: أنها ترجع إِلى الدم، فالمعنى: إِن دم المقتول كان منصوراً، أي: مطلوباً به.

والرابع: أنها ترجع إِلى القتل، ذكر القولين الفراء.