قوله تعالى: { ختم الله على قلوبهم } الختم: الطبع، والقلب: قطعة من دم جامدة سوداء، وهو مستكن في الفؤاد، وهو بيت النفس، ومسكن العقل، وسمي قلبا لتقلبه. وقيل: لأنه خالص البدن، وإنما خصَّه بالختم لأنه محل الفهم.
قوله تعالى: { وعلى سمعهم } يريد: على أسماعهم، فذكره بلفظ التوحيد، ومعناه: الجمع، فاكتفى بالواحد عن الجميع، ونظيره قوله تعالى:
{ { ثم يخرجكم طفلا } [الحج: 5]. وأنشدوا من ذلك:
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا فانَّ زمانكم زمن خميص
أي: في أنصاف بطونكم. ذكر هذا القول أبو عبيدة، والزجاج. وفيه وجه آخر، وهو أن العرب تذهب بالسمع مذهب المصدر، والمصدر يوحد، تقول: يعجبني حديثكم، ويعجبني ضربكم، فأما البصر والقلب فهما اسمان لا يجريان مجرى المصادر في مثل هذا المعنى. ذكره الزجاج، وابن القاسم. وقد قرأ عمرو بن العاص، وابن أبي عبلة: { وعلى أسماعهم } قوله تعالى: { وعلى أبصارهم غشاوة } الغشاوة: الغطاء.
قال الفراء: أما قريش وعامة العرب، فيكسرون الغين من«غشاوة» وعكل يضمون الغين، وبعض العرب يفتحها، وأظنها لربيعة. وروى المفضل عن عاصم «غشاوةً» بالنصب على تقدير: جعل على أبصارهم غشاوة. فأما العذاب، فهو الألم المستمر، وماء عذب: إذا استمر في الحلق سائغاً.