التفاسير

< >
عرض

بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٨١
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٨٢
-البقرة

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { بلى من كسَب سيئة }: بلى: بمنزلة «نعم» إلا أن «بلى» جواب النفي، و «نعم» جواب الإيجاب، قال الفراء: إذا قال الرجل لصاحبه: مالك عليَّ شيء، فقال الآخر: نعم، كان تصديقاً أن لا شيء له عليه. ولو قال: بلى؛ كان رداً لقوله. قال ابن الأنباري: وإنما صارت «بلى» تتصل بالجحد، لأنها رجوع عن الجحد إلى التحقيق، فهي بمنزلة «بل». و «بل» سبيلها أن تأتي بعد الجحد، كقولهم: ما قام أخوك، بل أبوك. وإذا قال الرجل للرجل: ألا تقوم؟ فقال له: بلى؛ أراد: بل أقوم، فزاد الألف على «بل» ليحسن السكوت عليها، لأنه لو قال: بل؛ كان يتوقع كلاماً بعد بل؛ فزاد الألف ليزول هذا التوهم عن المخاطب.

ومعنى: { بلى من كسب سيئة }: بل من كسب. قال الزجاج: بلى رد لقولهم: { لن تمسنا النار إِلا أياماً معدودة } والسيئة هاهنا: الشرك في قول ابن عباس، وعكرمة، وأبي وائل، وأبي العالية، ومجاهد، وقتادة، ومقاتل.

{ وأحاطت به } أي: أحدقت به خطيئته. وقرأ نافع «خطيئاته» بالجمع. قال عكرمة: مات ولم يتب منها، وقال أبو وائل: الخطيئة: صفة للشرك. قال أبو علي: إما أن يكون المعنى: أحاطت بحسنته خطيئته، أي: أحبطتها، من حيث أن المحيط أكثر من المحاط به، فيكون كقوله تعالى: { وإِن جهنم لمحيطة بالكافرين } [التوبة:49] وقوله { { أحاط بهم سرادقها } [الكهف:29] أو يكون معنى أحاطت به أهلكته: كقوله: { { إلا أن يحاط بكم } [يوسف 66].