ثم خوَّفهم فقال: { وكم قصمنا } قال المفسرون واللغويون: معناه: وكم أهلكنا، وأصل القصم: الكسر. وقوله: { كانت ظالمة }، أي: كافرة، والمراد: أهلها. { فلما أَحَسُّوا بأسنا } أي: رأَوا عذابنا بحاسَّة البصر { إِذا هم منها يَرْكُضون } أي: يَعْدُون، وأصل الرَّكْض: تحريكُ الرِّجلين، يقال: رَكَضْتُ الفَرَس: إِذا أَعْدَيته بتحريك رِجليكَ فعدا.
قوله تعالى: { لا تَرْكُضوا } قال المفسرون: هذا قول الملائكة لهم: { وارجعوا إِلى ما أُترفتم فيه } أي: إِلى نعَمكم التي أترفتْكم، وهذا توبيخ لهم.
وفي قوله: { لعلكم تُسأَلون } قولان.
أحدهما: تُسألون من دنياكم شيئاً، استهزاءً بهم، قاله قتادة.
والثاني: تُسأَلون عن قتل نبيِّكم، قاله ابن السائب. فلما أيقنوا بالعذاب { قالوا يا ويلنا إِنَّا كنَّا ظالمين } بكفرنا، وقيل: بتكذيب نبيِّنا. { فما زالت تلك دعواهم }، أي: ما زالت تلك الكلمة التي هي «يا ويلنا إِنَّا كنَّا ظالمين» قولهم يردِّدونها { حتى جعلناهم حصيداً } بالعذاب، وقيل: بالسيوف { خامدين }، أي: ميتين كخمود النار إِذا طُفِئَتْ.