التفاسير

< >
عرض

لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ فِي ٱلأَمْرِ وَٱدْعُ إِلَىٰ رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَىٰ هُدًى مُّسْتَقِيمٍ
٦٧
وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ
٦٨
ٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
٦٩
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ذٰلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ
٧٠
-الحج

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { لكلِّ أُمَّة جعلنا مَنْسَكاً } قد سبق بيانه في هذه السورة [الحج: 34] { فلا يُنَازِعُنَّكَ في الأمر } أي: في الذبائح، وذلك أن كفار قريش وخزاعة خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الذبيحة، فقالوا: كيف تأكلون ما قتَلتم ولا تأكلون ما قتله الله؟! يعنون: الميتة.

فإن قيل: إِذا كانوا هم المنازعين له، فكيف قيل: «فلا يُنَازِعُنَّكَ في الأمر»؟

فقد أجاب عنه الزجاج، فقال: المراد: النهي له عن منازعتهم، فالمعنى: لا تنازعنَّهم، كما تقول للرجل: لا يخاصمنَّك فلان في هذا أبداً، وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إِلا من اثنين، لأن المجادلة والمخاصمة لا تتم إِلا باثنين، فإذا قلت: لا يجادلنَّك فلان، فهو بمنزلة: لا تجادلنَّه، ولا يجوز هذا في قولك: لا يضربنَّك فلان وأنت تريد: لا تضربنَّه، [ولكن] لو قلت: لا يضاربنَّك فلان، لكان كقولك: لا تضاربنَّ، ويدل على هذا الجواب قوله: { وإِن جادلوك }.

قوله تعالى: { وادع إِلى ربِّك } أي: إِلى دينه والإِيمان به. و«جادلوك» بمعنى: خاصموك في أمر الذبائح، { فقل الله أعلمُ بما تعملون } من التكذيب، فهو يجازيكم به. { الله يحكم بينكم يوم القيامة } أي: يقضي بينكم { فيما كنتم فيه تختلفون } من الدِّين، أي: تذهبون إِلى خلاف ما ذهب إِليه المؤمنون؛ وهذا أدب حسن علَّمه الله عباده ليردُّوا به مَن جادل على سبيل التعنُّت، ولا يجيبوه، ولا يناظروه.

فصل

قال أكثر المفسرين: هذا نزل قبل الأمر بالقتال، ثم نسخ بآية السيف. وقال بعضهم: هذا نزل في حق المنافقين، كانت تظهر من أقوالهم وأفعالهم فلَتات تدل على شركهم، ثم يجادِلون على ذلك، فوكل أمرهم إِلى الله تعالى، فالآية على هذا محكمة.

قوله تعالى: { ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض } هذا استفهام يراد به التقرير؛ والمعنى: قد علمتَ ذلك، { إِنَّ ذلك } يعني ما يجري في السموات والأرض { في كتاب } يعني: اللوح المحفوظ، { إِن ذلك } أي: عِلْم الله بجميع ذلك { على الله يسير } سهل لا يتعذَّر عليه العلم به.