قوله تعالى: { إِمَّا تُرِيَنِّي } وقرأ أبو عمران الجوني، والضحاك: «تُرئَنِّي» بالهمز بين الراء والنون من غير ياء. والمعنى: إِن أريتني ما يوعَدون من القتل والعذاب، فاجعلني خارجاً عنهم ولا تُهلكني بهلاكهم؛ فأراه الله تعالى ما وعدهم ببدر وغيرها، ونجّاه ومن معه.
قوله تعالى: { ادفع بالتي هي أحسنُ السَّيِّئَةَ } فيه أربعة أقوال.
أحدها: ادفع إِساءة المسيءِ بالصفح، قاله الحسن.
والثاني: ادفع الفُحش بالسلام، قاله عطاء، والضحاك.
والثالث: ادفع الشِّرك بالتوحيد، قاله ابن السائب.
والرابع: ادفع المنكَر بالموعظة، حكاه الماوردي. وذكر بعض المفسرين أن هذا منسوخ بآية السيف.
قوله تعالى: { نحن أعلم بما يصفون } أي: بما يقولون من الشِّرك والتكذيب؛ والمعنى إِنَّا نجازيهم على ذلك. { وقل رب أعوذ } أي: ألجأ وأمتنع { بِكَ من هَمَزات الشياطين } قال ابن قتيبة: هو نَخْسُها وطَعْنُها، ومنه قيل للعائب: هُمَزَةٌ، كأنه يطعن ويَنْخَس إِذا عاب. وقال ابن فارس: الهَمْزُ كالعَصْر، يقال: همزتُ الشيء في كفِّي، ومنه الهَمْز في الكلام، لأنه كأنه يضغط الحرف، وقال غيره: الهَمْز في اللغة: الدَّفع، وهَمَزات الشياطين: دَفْعُهم بالإِغواء إِلى المعاصي.
قوله تعالى: { أن يَحْضُرُون } أي: أن يَشْهَدُون؛ والمعنى: أن يصيبوني بسوءٍ، لأن الشيطان لا يحضر ابن آدم إِلا بسوءٍ. ثم أخبر أن هؤلاء الكفار المنكِرين للبعث يسألون الرجعة إِلى الدنيا عند الموت بالآية التي تلي هذه، وقيل: هذا السؤال منهم للملائكة الذين يقبضون أرواحهم.
فإن قيل: كيف قال: «ارجعون» وهو يريد: «ارجعني»؟
فالجواب: أن هذا اللفظ تعرفه العرب للعظيم الشأن، وذلك أنه يخبر عن نفسه [فيه] بما تخبر به الجماعة، كقوله:
{ إِنَّا نحن نُحيي ونُميت } [ق: 43]، فجاء خطابه كإخباره عن نفسه، هذا قول الزجاج.