التفاسير

< >
عرض

قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ
٩٣
رَبِّ فَلاَ تَجْعَلْنِي فِي ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
٩٤
وَإِنَّا عَلَىٰ أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ
٩٥
ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٱلسَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ
٩٦
وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ ٱلشَّياطِينِ
٩٧
وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ
٩٨
-المؤمنون

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { إِمَّا تُرِيَنِّي } وقرأ أبو عمران الجوني، والضحاك: «تُرئَنِّي» بالهمز بين الراء والنون من غير ياء. والمعنى: إِن أريتني ما يوعَدون من القتل والعذاب، فاجعلني خارجاً عنهم ولا تُهلكني بهلاكهم؛ فأراه الله تعالى ما وعدهم ببدر وغيرها، ونجّاه ومن معه.

قوله تعالى: { ادفع بالتي هي أحسنُ السَّيِّئَةَ } فيه أربعة أقوال.

أحدها: ادفع إِساءة المسيءِ بالصفح، قاله الحسن.

والثاني: ادفع الفُحش بالسلام، قاله عطاء، والضحاك.

والثالث: ادفع الشِّرك بالتوحيد، قاله ابن السائب.

والرابع: ادفع المنكَر بالموعظة، حكاه الماوردي. وذكر بعض المفسرين أن هذا منسوخ بآية السيف.

قوله تعالى: { نحن أعلم بما يصفون } أي: بما يقولون من الشِّرك والتكذيب؛ والمعنى إِنَّا نجازيهم على ذلك. { وقل رب أعوذ } أي: ألجأ وأمتنع { بِكَ من هَمَزات الشياطين } قال ابن قتيبة: هو نَخْسُها وطَعْنُها، ومنه قيل للعائب: هُمَزَةٌ، كأنه يطعن ويَنْخَس إِذا عاب. وقال ابن فارس: الهَمْزُ كالعَصْر، يقال: همزتُ الشيء في كفِّي، ومنه الهَمْز في الكلام، لأنه كأنه يضغط الحرف، وقال غيره: الهَمْز في اللغة: الدَّفع، وهَمَزات الشياطين: دَفْعُهم بالإِغواء إِلى المعاصي.

قوله تعالى: { أن يَحْضُرُون } أي: أن يَشْهَدُون؛ والمعنى: أن يصيبوني بسوءٍ، لأن الشيطان لا يحضر ابن آدم إِلا بسوءٍ. ثم أخبر أن هؤلاء الكفار المنكِرين للبعث يسألون الرجعة إِلى الدنيا عند الموت بالآية التي تلي هذه، وقيل: هذا السؤال منهم للملائكة الذين يقبضون أرواحهم.

فإن قيل: كيف قال: «ارجعون» وهو يريد: «ارجعني»؟

فالجواب: أن هذا اللفظ تعرفه العرب للعظيم الشأن، وذلك أنه يخبر عن نفسه [فيه] بما تخبر به الجماعة، كقوله: { إِنَّا نحن نُحيي ونُميت } [ق: 43]، فجاء خطابه كإخباره عن نفسه، هذا قول الزجاج.