التفاسير

< >
عرض

وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ
٥٥
وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٥٦
-النور

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وَعَدَ اللّهُ الذين آمنوا منكم } روى أبو عبد الله الحاكم في «صحيحه» من حديث أُبيّ بن كعب، قال: لمّا قَدِم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، وآواهم الأنصار، رمتْهم العرب عن قوس واحدة، كانوا لا يبيتون إِلا في السلاح، ولا يصبحون إِلا في لأْمتهم، فقالوا: أترون أنّا نعيش حتى نَبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إِلا الله عز وجل؟! فنزلت هذه الآية. قال أبو العالية: لمّا أظهر الله عز وجل رسوله على جزيرة العرب، وضعوا السلاح وأمنوا، ثم قبض الله نبيّه، فكانوا آمنين كذلك في إِمارة أبي بكر، وعمر، وعثمان، حتى وقعوا فيما وقعوا فيه وكفروا بالنعمة، فأدخل الله عز وجل عليهم الخوف، فغيَّروا، فغيَّر الله تعالى ما بهم. وروى أبو صالح عن ابن عباس: أن هذا الوعد وعده الله أُمَّة محمد في التوراة والإِنجيل. وزعم مقاتل أن كفار مكة لمّا صدوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين عن العُمرة عام الحديبية، قال المسلمون: لو أن الله تعالى فتح علينا مكّة، فنزلت هذه الآية.

قوله تعالى: { لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ } أي: ليجعلنَّهم يخلفُون مَنْ قَبْلهم، والمعنى: ليورثنَّهم أرض الكفار من العرب والعجم، فيجعلهم ملوكها وساستها وسكَّانها. وعلى قول مقاتل: المراد بالأرض مكة.

قوله تعالى: { كما استَخْلَف الذين من قبلهم } وقرأ أبو بكر عن عاصم: { كما استُخلِف } بضم التاء وكسر اللام؛ يعني: بني إِسرائيل، وذلك أنه لمّا هلكت الجبابرة بمصر، أورثهم الله أرضهم وديارهم وأموالهم.

قوله تعالى: { وَليُمَكِّنَنَّ لهم دِينهم } وهو الإِسلام، وتمكينه: إِظهاره على كل دين، { وَليُبَدِّلَنَّهم } وقرأ ابن كثير، وأبو بكر، وأبان، ويعقوب: { وَليُبْدِلَنَّهم } بسكون الباء وتخفيف الدال { من بعد خوفهم أَمْناً } لأنهم كانوا مظلومين مقهورين، { يعبُدونني } هذا استئناف كلام في الثناء عليهم، { ومَن كفر بعد ذلك } بهذه النِّعم، أي: من جحد حقَّها. قال المفسرون: وأوّلُ من كفر بهذه النعم قَتَلَهُ عثمان.