التفاسير

< >
عرض

طسۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ
١
هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ
٢
ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ
٣
إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ
٤
أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ
٥
وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ
٦
إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ
٧
فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٨
-النمل

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { طسۤ } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه قسم أقسم الله به، وهو من أسمائه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وفي رواية أخرى عنه، قال: هو اسم الله الأعظم.

والثاني: اسم من أسماء القرآن، قاله قتاده.

والثالث: الطاء من اللطيف، والسين من السميع، حكاه الثعلبي.

قوله تعالى: { وكِتَابٍ مُبِينٍ } وقرأ أبو المتوكل، وأبو عمران، وابن أبي عبلة: { وكتابٌ مبينٌ } بالرفع فيهما.

قوله تعالى: { وبُشْرى } أي: بشرى بما فيه من الثواب للمصدِّقين.

قوله تعالى: { زيَّنَّا لَهم أعمالهم } أي: حبَّبْنا إِليهم قبيح فعلهم. وقد بيَّنَّا حقيقة التزبين والعَمَه في [البقرة:15، 212]. وسُوءُ العذاب: شديده.

قوله تعالى: { هم الأخسرون } لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم وصاروا إِلى النار.

قوله تعالى: { وإِنَّكَ لَتُلَقَّى القُرآنَ } قال ابن قتيبة: أي: يُلْقَى عليك فتَتَلَقَّاه أنت، أي: تأخذه. { إِذ قال موسى } المعنى: اذكر إِذ قال موسى.

قوله تعالى: { بشهاب قَبَس } قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب إِلاّ زيداً: { بشهابٍ } بالتنوين. وقرأ الباقون على الإِضافة غير منوَّن. قال الزجاج: من نوَّن الشهاب، وجعل القبس من صفة الشهاب، وكل أبيض ذي نور، فهو شهاب. فأما من أضاف، فقال الفراء: هذا مما يضاف إِلى نفسه إِذا اختلفت الأسماء، كقوله: { { وَلدارُ الآخرة } [يوسف:109]. قال ابن قتيبة: الشِّهاب: النار، والقَبَس: النار تُقْبَس، يقال: قَبَسْتُ النار قَبْساً، واسم ما قَبَستَ: قَبَسٌ.

قوله تعالى: { تَصْطَلُونَ } أي: تستدفئون، وكان الزمان شتاءً.

قوله تعالى: { فلمّا جاءها } أي: جاء موسى النارَ، وإِنما كان نوراً فاعتقده ناراً، { نُوديَ أن بُورِكَ مَنْ في النّار } فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أن المعنى: قُدِّس مَنْ في النّار، وهو الله عز وجل، قاله ابن عباس، والحسن، والمعنى: قُدِّس مَنْ ناداه مِنَ النّار، لا أنّ الله عز وجل يَحُلُّ في شيء.

والثاني: أن «مَنْ» زائدة؛ والمعنى: بوركتِ النَّارُ، قاله مجاهد.

والثالث: أن المعنى: بُورِك على من في النار، أو فيمن في النار؛ قال الفراء: والعرب تقول: باركه الله، وبارك عليه، وبارك فيه، بمعنى واحد، والتقدير: بُورِك من في طلب النار، وهو موسى، فحذف المضاف. وهذه تحيَّة من الله تعالى لموسى بالبركة، كما حيَّا إِبراهيمَ بالبركة على ألسنة الملائكة حين دخلوا عليه، فقالوا: { { رحمةُ الله وبركاتُه عليكم أهلَ البيت } [هود:73].

فخرج في قوله: { بُورِك } قولان:

أحدهما: قدِّس.

والثاني: من البَرَكة. وفي قوله { ومَنْ حَوْلَها } ثلاثة أقوال:

أحدها: الملائكة، قاله ابن عباس، والحسن.

والثاني: موسى والملائكة، قاله محمد بن كعب.

والثالث: موسى؛ فالمعنى: بُورِك فيمن يطلبها وهو قريب منها.