قوله تعالى: {أمَّنْ يجيب المُضْطَرَّ} وهو: المكروب المجهود؛ {ويَكْشِفُ السُّوء} يعني الضُّرَّ {ويجعلُكم خُلَفَاءَ الأرض} أي: يُهلك قرناً وينشىء آخرين، و {تَذَكَّرون} بمعنى تتَّعظون. وقرأها أبو عمرو بالياء، والباقون بالتاء. {أمَّنْ يَهديكم} أي: يُرشدكم إِلى مقاصدكم إِذا سافرتم
{ في ظُلُمات البرِّ والبحر } وقد بيَّنَّاها في [الأنعام:63، 97] وشرحنا ما يليها من الكلمات فيما مضى [الأعراف:57، ويونس:4] إِلى قوله: {وما يَشْعُرونَ} يعني مَنْ في السموات والأرض {أيَّانَ يُبْعَثُونَ} أي: متى يُبْعَثون بعد موتهم. قوله تعالى: {بل أَدْرَكَ عِلْمُهم في الآخرة} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: {بل أَدْرَكَ} قال مجاهد: «بل» بمعنى «أم» والمعنى: لم يُدْرِكْ عِلْمُهم، وقال الفراء: المعنى: هل أَدرك عِلْمُهم عِلْم الآخرة؟ فعلى هذا يكون المعنى: إِنهم لا يقفون في الدنيا على حقيقة العِلْم بالآخرة. وقرأ نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: {بل ادّارَكَ} على معنى: بل تدارك، أي: تتابع وتلاحق، فأُدغمت التاء في الدال، ثم في معناها قولان.
أحدهما: بل تكامل عِلْمهم يوم القيامة لأنهم مبعوثون، قاله الزجاج. وقال ابن عباس: ما جهلوه في الدُّنيا، عَلِموه في الآخرة.
والثاني: بل تدارك ظَنُّهم وحَدْسهم في الحكم على الآخرة، فتارة يقولون: إِنها كائنة، وتارة يقولون: لا تكون، قاله ابن قتيبة. وروى أبو بكر عن عاصم: {بل ادّرَكَ} على وزن افتعل من أدركت.
قوله تعالى: {بل هم في شَكِّ منها} أي: بل هم اليوم في شك من القيامة {بل هم منها عَمُونَ} قال ابن قتيبة: أي: من عِلْمِها. وما بعد هذا قد سبق بيانه [النحل:127،المؤمنون:35، 82] إِلى قوله: {متى هذا الوعد} يعنون: العذاب الذي تَعِدنا. {قُلْ عسى أن يكون رَدِف لكم} قال ابن عباس: قَرُب لكم. وقال ابن قتيبة: تَبِعَكم، واللام زائدة، كأنه قال: رَدِفَكم.
وفي ما تبعهم مِمَّا استعجلوه قولان.
أحدهما: يوم بدر.
والثاني: عذاب القبر.
قوله تعالى: {وإِنَّ ربَّكَ لَذُو فَضْلٍ على النَّاس} قال مقاتل: على أهل مكة حين لا يعجل عليهم بالعذاب.
قوله تعالى: {وإِنَّ ربَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدورهم} أي: ما تُخفيه {وما يُعْلِنون} بألسنتهم من عداوتك وخلافك؛ والمعنى: أنه يجازيهم عليه. {وما مِنْ غائبة} أي: وما من جملة غائبة {إِلا في كتاب} يعني اللوح المحفوظ؛ والمعنى: إِنَّ عِلْم ما يستعجلونه من العذاب بَيِّنٌ عند الله وإِن غاب عن الخَلْق.