التفاسير

< >
عرض

وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٦٤
فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ
٦٥
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ
٦٦
-العنكبوت

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وما هذه الحياةُ الدُّنيا إِلا لَهْوٌ ولَعِبٌ } والمعنى: وما الحياةُ في هذه الدنيا إِلا غرور ينقضي عن قليل { وإِنَّ الدَّار الآخرة } يعني الجنة { لَهِيَ الحَيَوانُ } قال أبو عبيدة: اللام في { لَهِيَ } زائدة للتوكيد، والحيوان والحياة واحد؛ والمعنى: لهي دارُ الحياة التي لا موتَ فيها، ولا تنغيص يشوبها كما يشوب الحياةَ الدُّنيا { لو كانوا يَعْلَمون } أي: لو علموا لرغبوا عن الفاني في الباقي، ولكنهم لا يَعْلَمون.

قوله تعالى: { فاذا رَكِبُوا في الفُلْك } يعني المشركين { دَعَوُا اللّهَ مُخْلِصِين له الدِّين } أي: أفردوه بالدُّعاء. قال مقاتل: والدِّين بمعنى التوحيد؛ والمعنى أنهم لا يَدْعُون مَنْ يَدْعُونه شريكاً له { فلمَّا نَجَّاهم } أي: خلَّصهم من أهوال البحر، وأَفْضَوا { إِلى البَرِّ إِذا هم يُشْرِكون } في البَرّ، وهذا إِخبار عن عنادهم. { لِيَكْفُروا بِمَا آتيناهم } هذه لام الأمر، ومعناه التهديد والوعيد، كقوله: { { اعْمَلوا ما شِئْتُم } [فُصِّلت:40]؛ والمعنى: ليَجْحَدوا نِعْمة الله في إِنجائه إِيَّاهم { ولِيَتَمَتَّعُوا } قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي باسكان اللام على معنى الأمر؛ والمعنى: ليتمتعوا بباقي أعمارهم { فسوف يَعْلَمون } عاقبة كفرهم. وقرأ الباقون بكسر اللام في { لِيَتَمتَّعُوا }، فجعلوا اللاَّمين بمعنى «كي»، فتقديره: لكي يكفُروا، ولكي يَتَمتَّعوا، فيكون معنى الكلام: إِذا هم يُشْرِكون ليكفُروا ولِيتمتَّعوا، أي: لا فائدة لهم في الإِشراك إِلاّ الكفر والتمتُّع بما يتمتَّعون به في العاجلة من غير نصيب لهم في الآخرة.