قوله تعالى: { ووصَّينا الإِنسان بوالديه } قال مقاتل: نزلت في سعد بن أبي وقاص، وقد شرحنا ذلك في [العنكبوت:8].
قوله تعالى: { حملتْه أُمُّه وَهْناً على وَهْنٍ } وقرأ الضحاك، وعاصم الجحدري { وَهَناً على وَهَنٍ } بفتح الهاء فيهما. قال الزجاج: أي ضَعْفاً على ضَعْف. والمعنى: لزمها بحَمْلها إِيَّاه أن تَضْعُف مَرَّةً بعد مَرَّة. وموضع «أن» نصب بـ { وصَّيْنا }؛ المعنى: ووصَّينا الإِنسان أن أشكُر لي ولوالدَيْك، أي: وصَّيناه بشُكْرنا وشُكر والدَيه.
قوله تعالى: { وفِصَالُه في عامَين } أي: فِطامُه يقع في انقضاء عامين. وقرأ إِبراهيم النخعي، وأبو عمران، والأعمش: { وفَصَالُه } بفتح الفاء. وقرأ أُبيُّ بن كعب، والحسن وأبو رجاء، وطلحة بن مصرِّف؛ وعاصم الجحدري، وقتادة؛ { وفَصْلُه } بفتح الفاء وسكون الصاد من غير ألف. والمراد: التنبيه على مشقَّة الوالدة بالرَّضاع بعد الحمل. قوله تعالى: { وإِن جاهَداكَ } قد فسرنا ذلك في سورة [العنكبوت:8] إِلى قوله: { وصاحِبْهُما في الدُّنيا معروفاً } قال الزجاج: أي مُصَاحَباً معروفاً، تقول صاحبه مُصَاحَباً ومُصَاحَبَةً؛ والمعروف: ما يُستحسن من الأفعال.
قوله تعالى: { واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أناب إِليَّ } أي: مَنْ رَجَع إِليَّ؛ وأهل التفسير يقولون: هذه الآية نزلت في سعد، وهو المخاطَب بها.
وفي المراد بمَنْ أناب ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه أبو بكر الصِّدِّيق، قيل لسعد: اتَّبِع سبيله في الإِيمان، هذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء. وقال ابن إِسحاق: أسلم على يَدي أبي بكر [الصِّدِّيق]: عثمانُ بن عفان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف.
والثاني: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن السائب.
والثالث: مَنْ سلك طريق محمد وأصحابه، ذكره الثعلبي.
ثم رجع إِلى الخبر عن لقمان فقال: { يا بُنيَّ }. وقال ابن جرير: وجه اعتراض هذه الآيات بين الخبرين عن وصيَّة لقمان أنَّ هذا ممَّا أوصى به لقمانُ ابنَه.
قوله تعالى: { إِنَّها إِنْ تَكُ مِثقالَ حَبَّة } وقرأ نافع وحده: { مِثقالُ حَبَّة } برفع اللام. وفي سبب قول لقمان لابنه هذا قولان.
أحدهما: أن ابن لقمان قال لأبيه: أرأيتَ لَو كانت حبَّة في قعر البحر أكان اللّهُ يعلَمُها؟ فأجابه بهذه الآية، قاله السدي.
والثاني: أنه قال يا أبت إِن عملتُ الخطيئة حيث لا يراني أحد، كيف يعلَمُها الله؟ فأجابه بهذا، قاله مقاتل.
قال الزجاج: من قرأ برفع المثقال مع تأنيث { تَكُ } فلأنَّ { مثقال حبَّة من خردل } راجع إِلى معنى: خردلة، فهي بمنزلة: إِن تَكُ حبَّةٌ من خردل؛ ومن قرأ { مثقالَ حبَّة } فعلى معنى: إِن التي سألتَني عنها إِن تَكُ مثقالَ حبَّة، وعلى معنى: إِنَّ فَعْلَة الإِنسان وإِن صَغُرت يأت بها الله. وقد بيَّنَّا معنى { مثقالَ حبَّة من خردل } في [الأنبياء47].
قوله تعالى: { فتكُن في صخرة } قال قتادة: في جبل. وقال السدي: هي الصخرة التي تحت الأرض السابعة، ليست في السماوات ولا في الأرض.
وفي قوله: { يأت بها اللّهُ } ثلاثة أقوال.
أحدها: يعلَمها اللّهُ، قاله أبو مالك.
والثاني: يُظهرها، قاله ابن قتيبة.
والثالث: يأت بها الله في الآخرة للجزاء عليها.
{ إِنَّ الله لطيف } قال الزجاج: لطيف باستخراجها { خبير } بمكانها. وهذا مَثَل لأعمال العباد، والمراد أنَّ الله تعالى يأتي بأعمالهم يوم القيامة، مَنْ يعمل مثقال ذَرَّة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذَرَّة شرّاً يره.
قوله تعالى: { واصْبِر على ما أصابك } أي: في الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكَر من الأذى. وباقي الآية مفسر في [آل عمران:286].