التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَلاَ بِٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ
٣١
قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوۤاْ أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ
٣٢
وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَجَعَلْنَا ٱلأَغْلاَلَ فِيۤ أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٣٣
-سبأ

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وقال الذين كَفَروا } يعني مشركي مكَّة { لن نؤمِن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه } يعنون التوراة والإِنجيل، وذلك أن مؤمني أهل الكتاب قالوا: إِنّ صفة محمد في كتابنا، فكفر أهلُ مكَّة بكتابهم.

ثم أخبر عن حالهم في القيامة فقال: { ولو ترى إِذ الظالمون } يعني مشركي مكة { موقوفون عند ربِّهم } في الآخرة { يَرْجِعُ بعضُهم إِلى بعض القولَ } أي: يَرُدُّ بعضُهم على بعض في الجدال واللَّوم { يقول الذين استُضعفوا } وهم الأتباع { للذين استكبروا } وهم الأشراف والقادة: { لولا أنتم لكُنَّا مؤمنين } أي: مصدِّقين بتوحيد الله؛ والمعنى: أنتم منعتمونا عن الإِيمان؛ فأجابهم المتبوعون فقالوا: { أنحن صددناكم عن الهُدى } أي: منعناكم عن الإِيمان { بعد إِذ جاءكم } به الرسول؟ { بل كنتم مجرمين } بترك الإِيمان - وفي هذا تنبيه للكفار على أن طاعة بعضهم لبعض في الدنيا تصير سبباً للعداوة في الآخرة - فردَّ عليهم الأتباع فقالوا: { بل مَكْرُ الليلِ والنهارِ } أي: بل مكرُكم بنا في الليل والنهار. قال الفراء: وهذا ممَّا تتوسع فيه العرب لوضوح معناه، كما يقولون: ليله قائم، ونهاره صائم، فتضيف الفعل إِلى غير الآدميين، والمعنى لهم. وقال الأخفش: وهذا كقوله: { { مِنْ قريتك التي أخرجَتْكَ } [محمد:13]، قال جرير:

لقد لُمْتِنا يا أُمَّ غَيْلانَ في السُّرَى ونِمْتِ وَما لَيْلُ المَطِيِّ بِنائمِ

وقرأ سعيد بن جبير، وأبو الجوزاء، وعاصم الجحدري: { بل مَكَرَ } بفتح الكاف والراء { الليلُ والنهارُ } برفعهما. وقرأ ابن يعمر: { بل مَكْرُ } باسكان الكاف ورفع الراء وتنوينها { الليلَ والنهارَ } بنصبهما.

قوله تعالى: { إِذ تأمُروننا أن نكفُر بالله } وذلك أنهم كانوا يقولون لهم: إِنَّ دِيننا حقّ ومحمد كذّاب، { وأَسرُّوا النَّدامة } وقد سبق بيانه في [يونس:54].

قوله تعالى: { وجَعَلْنا الأغلالَ في أعناق الذين كَفَروا } إِذا دخلوا جهنم غُلَّت أيديهم إِلى أعناقهم، وقالت لهم خَزَنة جهنم: هل تُجَزون إِلا ما كنتم تعملون في الدنيا. قال أبو عبيدة: مجاز «هل» هاهنا مجاز الإِيجاب، وليس باستفهام؛ والمعنى: ما تُجزَون إِلا ما كنتم تعملون.