قوله تعالى: { من كان يُريد العِزَّة } فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: من كان يريد العزَّة بعبادة الأوثان { فللّه العِزَّةُ جميعاً }، قاله مجاهد.
والثاني: من كان يريد العزَّة فليتعزَّز بطاعة الله، قاله قتادة. وقد روى أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"إِنَّ ربَّكم يقول كل يوم: أنا العزيز، فمن أراد عِزَّ الدَّارَيْن فليُطِع العزيز" . والثالث: من كان يريد عِلْم العزَّة لِمن هي، فانها لله جميعاً، قاله الفراء.
قوله تعالى: { إِليه يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ } وقرأ ابن مسعود، وأبو عبد الرحمن السلمي، والنخعي، والجحدري، والشيزري عن الكسائي: { يُصْعَدُ الكلامُ الطَّيِّبُ } وهو توحيده وذِكْره { والعملُ الصَّالح يَرْفَعُهُ } قال علي بن المديني: الكِلَم الطَّيِّب: لا إِله إِلا الله، والعمل الصالح: أداء الفرائض واجتناب المحارم.
وفي هاء الكناية في قوله «يرفعه» ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ترجع إِلى الكَلِم الطَّيِّب؛ فالمعنى: والعمل الصالح يرفع الكَلِم الطَّيِّب، قاله ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك. وكان الحسن يقول: يُعْرَض القولُ على الفعل، فان وافق القولَ الفعلُ قُبِل، وإِن خالف رُدَّ.
والثاني: أنها ترجع إِلى العمل الصالح، فالمعنى: والعمل الصالح يرفعُه الكَلِم الطَّيِّب، فهو عكس القول الأول، وبه قال أبو صالح، وشهر بن حوشب. فاذا قلنا: إِن الكَلِم الطَّيِّب هو التوحيد، كانت فائدة هذا القول أنه لا يُقْبَلُ عملٌ صالح إِلا من مُوحِّد.
والثالث: أنها ترجع إِلى الله عز وجل؛ فالمعنى: والعمل الصالح يرفعُه اللّهُ إِليه، أي: يَقْبَلُه، قاله قتادة.
قوله تعالى: { والذين يمكُرون السَّيِّئات } قال أبو عبيدة: يمكرون: بمعنى: يكتسِبون ويجترحِون. ثم في المشار إِليهم أربعة أقوال.
أحدها: أنهم الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة، قاله أبو العالية.
والثاني: أنهم أصحاب الرِّياءَ، قاله مجاهد، وشهر بن حوشب.
والثالث: أنهم الذين يعملون السَّيِّئات، قاله قتادة، وابن السائب.
والرابع: أنهم قائلو الشِّرك، قاله مقاتل.
وفي معنى { يَبُورُ } قولان.
أحدهما: يَبْطُلُ، قاله ابن قتيبة.
والثاني: يَفْسُدُ قاله الزجاج.