{يا أيُّها النَّاسُ أنتم الفقراء إِلى الله} أي: المحتاجون إِليه {واللّهُ هو الغنيُّ} عن عبادتكم {الحميد} عند خلقه باحسانه إِليهم. وما بعد هذا قد تقدم بيانه [إبراهيم:19، الأنعام:164] إِلى قوله: {وإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} أي: نَفْس مُثْقَلة بالذُّنوب {إِلى حِمْلها} الذي حملتْ من الخطايا {لا يُحْمَلْ منه شيءٌ ولو كان} الذي تدعوه {ذا قربى} ذا قرابة {إِنما تُنْذِرُ الذين يَخْشَوْنَ ربَّهم بالغيب} أي: يخشونه ولم يَرَوه؛ والمعنى: إِنما تَنفع بانذارك أهل الخشية، فكأنك تُنذرهم دون غيرهم لمكان اختصاصهم بالانتفاع، {ومن تَزَكَّى} أي: تطهَّر من الشِّرك والفواحش، وفعلَ الخير {فانَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسه} أي: فصلاحُه لنَفْسه {وإِلى الله المَصيرُ} فيجزي بالأعمال.
{وما يستوي الأعمى والبصير} يعني المؤمن والمشرك، {ولا الظلُّمُاتُ} يعني الشِّرك والضَّلالات {ولا النُّورُ} الهدى والإِيمان، {ولا الظِّلُّ ولا الحَرورُ} فيه قولان.
أحدهما: ظِلُّ اللَّيل وسَمُوم النهار، قاله عطاء.
والثاني: الظِّلُّ: الجَنَّة، والحَرُور: النَّار، قاله مجاهد. قال الفراء: الحَرُور بمنزلة السَّمُوم، وهي الرِّياح الحارَّة. والحَرُور تكون بالنَّهار وبالليل، والسَّمُوم لا تكون إِلا بالنَّهار. وقال أبو عبيدة: الحَرُور تكون بالنَّهار مع الشمس، وكان رؤبة يقول: الحَرور باللَّيل، والسَّمُوم بالنَّهار.
قوله تعالى: {وما يستوي الأحياءُ ولا الأمواتُ} فيهم قولان.
أحدهما: أن الأحياء: المؤمنون، والأموات: الكفار.
والثاني: أن الأحياء: العقلاء، والأموات: الجُهَّال. وفي «لا» المذكورة في هذه الآية قولان.
أحدهما: أنها زائدة مؤكِّدة.
والثاني: أنها نافية لاستواء أحد المذكورَين مع الآخر.
قال قتادة: هذه أمثال ضربها اللّهُ تعالى للمؤمن والكافر، يقول: كما لا تستوي هذه الأشياء، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.
{إِنَّ الله يُسْمِعُ من يشاء} أي: يُفهم من يريد إِفهامه {وما أنت بِمُسْمِعٍ مَنْ في القُبور} وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، والجحدري: {بِمُسْمِعِ مَنْ} على الإِضافة؛ يعني الكفار، شبههم بالموتى، {إِن أنتَ إِلاَّ نذير} قال بعض المفسرين: نُسخ معناها بآية السيف.
قوله تعالى: {وإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فيها نذير} أي: ما من أُمَّة إِلا قد جاءها رسول. وما بعد هذا قد سبق بيانه [آل عمران:184، الحج:44] إِلى قوله: {فكيف كان نَكيرِِ} أثبت فيها الياء في الحالين يعقوب، وافقه في الوصل ورش.