قوله تعالى: { لا خير في كثير من نجواهم } قال ابن عباس: هُم قومُ طعمة، وقال مقاتل: وكلهم يهود تناجوا في أمر طعمة، وقال مجاهد: هو عام في نجوى جميع الناس. قال الزجاج: ومعنى النجوى: ما تنفردُ به الجماعة أو الاثنان، سِرَّاً كان أو ظاهراً. ومعنى «نجوت الشيء» في اللغة: خلّصته وألقيته، يقال: نجوت الجلد: إِذا ألقيته عن البعير وغيره. قال الشاعر:
فقلتُ انجُوَا عنها نجا الجلد إِنّه سيرُضيكما منها سَنَامٌ وغارِبُهُ
وقد نجوت فلاناً: إِذا استنكهته، قال الشاعر: نجوتُ مجالداً فوجدتُ منه كريحِ الكلب مات قديمَ عهد
وأصله كله من النَّجوة، وهو ما ارتفع من الأرض، قال الشاعر يصف سيلاً: فَمَنْ بنجوَته كَمَن بعَقوَته والمُسْتكنُّ كَمَن يمشي بقِرْواح
والمراد بنجواهم: ما يدبِّرونه بينهم من الكلام. فأما قوله: { إِلا مَن أمَر بصدقةٍ }، فيجوز أن يكون بمعنى: إِلا في نجوى من أمر بصدقة، ويجوز أن يكون استثناء ليس من الأول، فيكون بمعنى: لكن من أمر بصدقةٍ، ففي نجواهم خير. وأما قوله: { أمر بصدقةٍ } فالمعنى حثّ عليها.
وأما المعروف، ففيه قولان.
أحدهما: أنه الفرض، روي عن ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: أنه عام في جميع أفعال البر، وهو اختيار القاضي أبي يعلى، وأبي سليمان الدمشقي.