التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱلَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَٰقٌ أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَٰتِلُوكُمْ أَوْ يُقَٰتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَٰتَلُوكُمْ فَإِنِ ٱعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً
٩٠
-النساء

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { إِلا الذين يصلون } هذا الاستثناء راجع إِلى القتل، لا إِلى الموالاة.

وفي «يصلون» قولان.

أحدهما: أنه بمعنى يتّصلون ويلجؤون. قال ابن عباس: كان هلال بن عويمر الأسلمي وادَع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يُعينه ولا يُعين عليه. فكان من وصل إِلى هلال من قومه وغيرهم فلهم من الجوار مثل ما لهلال.

والثاني: أنه بمعنى ينتسبون قاله ابن قتيبة، وأنشد:

إِذا اتَّصلَتْ قالتْ أبكرَ بنَ وائلٍ وبكرٌ سَبَتْها والأنوفُ رواغمُ

يريد: إِذا انتسبت قالت: أبكراً، أي: يا آل بكر.

وفي القوم المذكورين أربعة أقوال.

أحدها: أنهم بنو بكر بن زيد مناة، قاله ابن عباس.

والثاني: أنهم هلال بن عويمر الأسلمي، وسراقة بن مالك، وخزيمة بن عامر بن عبد مناف، قاله عكرمة.

والثالث: أنهم بنو مدلج، قاله الحسن.

والرابع: خزاعة وبنو مدلج، قاله مقاتل. قال ابن عباس: و«الميثاق»: العهد.

قوله تعالى: { أو جاؤوكم } فيه قولان.

أحدهما: أن معناه: أو يصلون إِلى قوم جاؤوكم، قاله الزجاج في جماعة.

والثاني: أنه يعود إِلى المطلوبين للقتل، فتقديره: أو رجعوا فدخلوا فيكم، وهو بمعنى قول السدي.

قوله تعالى: { حصرت صدورُهم } فيه قولان.

أحدهما: أن فيه إِضمار «قد».

والثاني: أنه خبرٌ بعد خبر، فقوله { جاؤوكم }: خبرٌ قد تم، وحصِرت: خبرٌ مستأنف، حكاهما الزجاج. وقرأ الحسن، ويعقوب، والمفضل، عن عاصم: { حَصِرةً صدورُهم } على الحال. و«حصرت»: ضاقت، ومعنى الكلام: ضاقت صدورهم عن قتالكم للعهد الذي بينكم وبينهم، أو يقاتلوا قومَهم، يعني قريشاً.

قال مجاهد: هلال بن عويمر هو الذي حصِر صَدرُه أن يقاتلكم، أو يقاتل قومه.

قوله تعالى: { ولو شاء الله لسلّطهم عليكم } قال الزجاج: أخبر أنه إِنما كفّهم بالرعب الذي قذف في قلوبهم. وفي «السلم» قولان.

أحدهما: أنه الإِسلام، قاله الحسن.

والثاني: الصُلح، قاله الربيع، ومقاتل.

فصل

قال جماعة من المفسّرين: معاهدة المشركين وموادعتهم المذكورة في هذه الآية منسوخة بآية السيف. قال القاضي أبو يعلى: لما أعزّ الله الإِسلام أُمروا أن لا يقبلوا من مشركي العرب إِلاَّ الإِسلام أو السيف.