التفاسير

< >
عرض

وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ
١٨
يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ
١٩
-غافر

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وأَنْذِرهم يومَ الآزفة } فيه قولان:

أحدهما: أنه يومُ القيامة، قاله الجمهور. قال ابن قتيبة: وسميت القيامة بذلك لقُربها. يقال: أَزِفَ شُخوص فلان، أي: قَرُبَ.

والثاني: أنه يومُ حُضور المنيَّة، قاله قطرب.

قوله تعالى: { إِذِ القُلوبُ لدى الحناجر } وذلك أنها ترتقي إِلى الحناجر فلا تخرُج ولا تعود، هذا على القول الأول. وعلى الثاني: القلوب هي النُّفوس تبلغ الحناجرَ عند حضور المنيَّة؛ قال الزجاج: و { كاظمينَ } منصوب على الحال، والحال محمولة على المعنى؛ لأن القلوب لا يقال لها: كاظمين، وإِنما الكاظمون أصحاب القلوب؛ فالمعنى: إِذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كَظْمهم. قال المفسِّرون: "كاظِمِين" أي: مغمومين ممتلئين خوفاً وحزناً، والكاظم: المُمْسِك للشيء على ما فيه؛ وقد أشرنا إِلى هذا عند قوله: { { والكاظمين الغيظ } } [آل عمران:134].

{ ما لِلظّالِمِينَ } يعني الكافرين { مِنْ حَميمٍ } أي: قريب ينفعُهم { ولا شفيعٍ يُطَاعُ } فيهم فتُقْبَل شفاعتُه.

{ يَعْلَمُ خائنةَ الأعيُن } قال ابن قتيبة: الخائنة والخيانة واحد. وللمفسرين فيها أربعة أقوال:

أحدها: أنه الرجُل يكون في القوم فتمرُّ به المرأة فيُريهم أنه يغُضُّ بصره، فإذا رأى منهم غفلةً لَحَظَ إِليها، فإن خاف أن يَفْطنُوا له غَضَّ بصره، قاله ابن عباس.

والثاني: أنه نظر العين إِلى ما نُهي عنه، قاله مجاهد.

والثالث: الغمز بالعين، قاله الضحاك والسدي. قال قتادة: هو الغمز بالعين فيما لا يُحِبُّه الله ولا يرضاه.

والرابع: النظرة بعد النظرة قاله ابن السائب.

قوله تعالى: { وما تُخْفي الصُّدورُ } فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: ما تُضْمِره من الفعل أن لو قَدَرْتَ على ما نَظَرْتَ إِليه، قاله ابن عباس.

والثاني: الوسوسة، قاله السدي.

والثالث: ما يُسِرُّه القلب من أمانة أو خيانة حكاه المارودي.