التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ
٣٥
وَقَالَ فَرْعَوْنُ يٰهَامَانُ ٱبْنِ لِي صَرْحاً لَّعَـلِّيۤ أَبْلُغُ ٱلأَسْبَابَ
٣٦
أَسْبَابَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً وَكَـذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ
٣٧
-غافر

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { الذين يجادِلونَ } قال الزجاج: هذا تفسير المسرف المرتاب، والمعنى: هُمْ الذين يجادِلونَ في آيات الله. قال المفسرون: يجادِلونَ في إبطالها والتكذيب بها بغير سلطان، أي: بغير حُجَّة أتتهم من الله.

{ كَبُرَ مَقْتاً } أي: كَبُرَ جدالُهم مَقْتاً عند الله وعند الذين آمنوا، والمعنى: يَمْقُتهم الله ويَمْقُتهم المؤمنون بذلك الجدال.

{ كذلك } أي: كما طَبَع اللهُ على قلوبهم حتى كذَّبوا وجادلوا بالباطل، يَطْبع { على كلِّ قلبِ متكبِّرٍ } عن عبادة الله وتوحيده. وقد سبق بيان معنى الجبّار في [هود: 59]. وقرأ أبو عمرو: { على كلِّ قلبٍ } بالتنوين، وغيرُه من القرّاء السبعة يُضيفه. وقال أبو علي: المعنى: يطبع على جملة القلب من المتكبِّر. واختار قراءة الإِضافة الزجاج: قال: لأن المتكبِّر هو الإِنسان، لا القلب.

فإن قيل: لو كانت هذه القراءة أصوب لتقدَّم القلبُ على الكُلِّ؟.

فالجواب: أن هذا جائز عند العرب، قال الفراء: تقدُّم هذا وتأخُّره واحد، سمعتُ بعض العرب يقول: هو يرجِل شعره يومَ كل جمعة، يريد: كلَّ يوم جمعة، والمعنى واحد. وقد قرأ ابن مسعود، وأبو عمران الجوني: { على قلبِ كلِّ متكبِّر } بتقديم القلب.

قال المفسرون: فلمّا وعظ المؤمنُ فرعونَ وزجره عن قتل موسى، قال فرعونُ لوزيره: { يا هامانُ ابنِ لي صَرْحاً } وقد ذكرناه في [القصص: 38].

قوله تعالى: { لعلِّي أبلُغ الأسبابَ، أسبابَ السموات } قال ابن عباس. وقتادة: يعني أبوابها. وقال أبو صالح: طرقها. وقال غيره: المعنى: لعلِّي أبلُغُ الطُّرق من سماءٍ الى سماءٍ. وقال الزجاج لعلِّي أبلُغ ما يؤدِّيني إلى السموات. وما بعد هذا مفسَّر في [القصص:38] إلى قوله: { وكذلك } أي: ومِثْلُ ما وصفْنا { زُيِّنَ لفرعونَ سُوءُ عمله وَصُدَّ } عن سبيل الهدى قرأ عاصم، وحمزة والكسائي: { وصُدَّ } بضم الصاد، والباقون بفتحها، { وما كَيْدُ فرعونَ } في إبطال آيات موسى { إلاَّ في تبابٍ } أي: في بطلان وخسران.