قوله تعالى: { فإن أعرضوا } عن الإيمان بعد هذا البيان { فقُل أنذرتُكم صاعقةً } الصاعقة: المُهلِكُ من كل شيء؛ والمعنى: أنذرتُكم عذاباً مثلَ عذابهم. وإنما خَصَّ القبيلتين، لأن قريشاً يمُرُّون على قرى القوم في أسفارهم.
{ إذ جاءتهم الرُّسُل من بين أيديهم } أي: أتت آباءهم ومَنْ كان قبلهم { ومِنْ خَلْفهم } أي: من خلف الآباء، وهم الذين أُرسلوا إلى هؤلاء الُمهلَكين { ألاّ تعبُدوا } أي: بأن لا تعبُدوا { إلا اللهَ قالوا لو شاءَ ربُّنا } أي: لو أراد دعوة الخلْق { لأنزل ملائكةً }.
قوله تعالى: { فاستكبَروا } أي: تكبَّروا عن الإِيمان وعَمِلوا بغير الحقِّ. وكان هود قد تهدَّدهم بالعذاب فقالوا: نحن نقدر على دفعه بفضل قوَّتنا. والآيات هاهنا: الحُجج.
وفي الرِّيح الصَّرصر أربعة أقوال:
أحدها: أنها الباردة، قاله ابن عباس، وقتادة، والضحاك. وقال الفراء: هي الرِّيح الباردة تحرق كالنار، وكذلك قال الزجاج: هي الشديدة البرد جداً؛ فالصَّرصر متكرِّر فيها البرد، كما تقول: أقللتُ الشيء وقلقلتُه، فأقللتُه بمعنى رفعتُه، وقلقلتُه: كرَّرتُ رفعه.
والثاني: أنها الشديدةُ السَّموم، قاله مجاهد.
والثالث: الشديدة الصَّوت، قاله السدي، وأبو عبيدة، وابن قتيبة.
والرابع: الباردة الشديدة، قاله مقاتل.
قوله تعالى: { في أيّامٍ نَحِساتٍ } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: { نَحْساتٍ } بإسكان الحاء؛ وقرأ الباقون: بكسرها. قال الزجاج: من كسر الحاء، فواحدُهن "نَحِس". ومن أسكنها فواحدُهن "نَحْس"؛ والمعنى: مشؤومات.
وفي أوَّل هذه الأيّام ثلاثة أقوال:
أحدها: غداة يوم الأحد، قاله السدي.
والثاني: يوم الجمعة، قاله الربيع بن أنس.
والثالث: يوم الأربعاء، قاله يحيى بن سلام. والخِزْي: الهوان.
قوله تعالى: { وأمّا ثمودُ فهدَيناهم } فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: بيَّنَّا لهم، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير. وقال قتادة: بَيَّنَّا لهم سبيل الخير والشر.
والثاني: دَعَوْناهم، قاله مجاهد.
والثالث: دَللْناهم على مذهب الخير، قاله الفراء.
قوله تعالى: { فاستَحبُّوا العمى } أي: اختاروا الكفر على الإِيمان، { فأخذتهم صاعقةُ العذاب الهُون } أي: ذي الهوان، وهو الذي يُهينهم.