قوله تعالى: { إِنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر } أما «الخمر» فوقوع العداوة والبغضاء فيها على نحو ما ذكرنا في سبب نزول الآية من القتال والمماراة. وأما الميسر، فقال قتادة: كان الرجل يقامر على أهله وماله، فيُقمَرُ ويبقى حزيناً سليباً، فينظر إِلى ماله في يد غيره، فيكسبه ذلك العداوة والبغضاء.
قوله تعالى: { فهل أنتم منتهون } فيه قولان.
أحدهما: أنه لفظ استفهام، ومعناه: الأمر. تقديره: انتهوا. قال الفراء: ردّد علي أعرابيٌ هل أنت ساكتٌ، هل أنت ساكت؟ وهو يريد: اسكت اسكت.
والثاني: أنه استفهام، لا بمعنى: الأمر. ذكر شيخنا علي بن عبيد الله أن جماعة كانوا يشربون الخمر بعدَ هذه الآية، ويقولون: لم يحرّمها، إِنما قال: { فهل أنتم منتهون } فقال بعضنا: انتهينا، وقال بعضنا لم ننته، فلما نزلت
{ { قل إِنما حرّم ربِّيَ الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإِثم } [الأعراف: 33] حُرّمت، لأن «الإِثم» اسمٌ للخمر. وهذا القول ليس بشيء، والأوّل أصح. قوله تعالى: { وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول } فيما أمَرَاكم، واحذروا خلافهما { فإن توليتم } أي: أعرضتم، { فاعلموا أنما على رسولنا } محمد { البلاغ المبين } وهذا وعيدٌ لهم، كأنه قال: فاعلموا أنكم قد استحققتم العذاب لتوليكم.