ثم ذكر عنادهم فقال: { وإن يَرَوْا كِسْفاً من السماء ساقطاً } والمعنى: لو سقط بعضُ السماء عليهم لَمَا انتهوا عن كفرهم، ولَقالوا: هذه قِطعة من السَّحاب قدُركم بعضُه على بعض.
{ فذرْهم } أي خَلِّ عنهم { حتَّى يُلاقُوا } قرأ أبو جعفر «يَلْقَوا» بفتح الياء والقاف وسكون اللام من غير ألف { يوْمَهم } وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه يوم موتهم.
والثاني: يوم القيامة.
والثالث: يوم النَّفخة الأولى.
قوله تعالى: { يُصْعَقُون } قرأ عاصم، وابن عامر: «يُصْعَقُون» برفع الياء، من أصعَقَهم غيرُهم؛ والباقون بفتحها، من صعقوهم.
وفي قوله: { يُصْعقون } قولان.
أحدهما: يموتون.
والثاني: يُغشى عليهم، كقوله:
{ { وخَرَّ موسى صعِقاً } [الأعراف: 143] وهذا يخرج على قول من قال: هو يوم القيامة، فإنهم يُغْشى عليهم من الأهوال. وذكر المفسرون أن هذه الآية منسوخة بآية السيف، ولا يصح، لأن معنى الآية الوعيد. قوله تعالى: { يوْم لا يُغْني عنهم كيْدُهم شيئاً } هذا اليوم الأول؛ والمعنى: لا ينفعهم مكرهم ولا يدفع عنهم العذاب { ولا هُمْ يُنْصَرون } أي: يُمْنعون من العذاب.
قوله تعالى: { وإِنَّ لِلَّذين ظلموا } أي: أشركوا { عذاباً دون ذلك } أي: قبْل ذلك اليوم؛ وفيه أربعة أقوال.
أحدها: أنه عذاب القبر، قاله البراء، وابن عباس.
والثاني: عذاب القتل يوم بدر، وروي عن ابن عباس أيضاً، وبه قال مقاتل.
والثالث: مصائبهم في الدنيا، قاله الحسن، وابن زيد.
والرابع: عذاب الجوع، قاله مجاهد.
قوله تعالى: { ولكنَّ أكثرهم لا يعْلمون } أي: لا يعلمون ما هو نازلٌ بهم.
{ واصْبِر لحُكم ربِّك } أي: لما يحكُم به عليك { فإنَّك بأعيُننا } قال الزجّاج: فإنك بحيث نراك ونحفظك ونرعاك، فلا يصِلون إلى مكروهك. وذكر المفسرون: أن معنى الصبر نُسخ بآية السيف، ولا يصح لأنه لا تضادَّ.
{ وسبِّح بحمد ربِّك حين تقوم } فيه ستة أقوال.
أحدها: صلِّ لله حين تقوم من منامك، قاله ابن عباس.
والثاني: قُلْ: "سبحانك اللهمَّ وبحمدك" حين تقوم من مجلسك، قاله عطاء، وسعيد بن جبير، ومجاهد في آخرين.
والثالث: قُلْ «سبحانك الله وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جُّدك ولا إله غيرك» حين تقوم في الصلاة، قاله الضحاك.
والرابع: سبِّح الله إذا قُمْت من نومك، قاله حسّان بن عطيّة.
والخامس: صلِّ صلاة الظُّهر إذا قُمْت من نوم القائلة، قاله زيد بن أسلم.
والسادس: اذْكُر الله بلسانك حين تقوم من فراشك إلى أن تدخُل في الصلاة، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: { ومِن اللَّيل فسبِّحْه } قال مقاتل: صلِّ المغرب وصلِّ العِشاء { وإدبار النُّجوم } قرأ زيد عن يعقوب، وهارون عن أبي عمرو، والجعفي عن أبي بكر: «وأدبار النُّجوم» بفتح الهمزة؛ وقرأ الباقون بكسرها. وقد شرحناها في [ق:40]؛ والمعنى: صلِّ له في إدبار النجوم، أي: حين تُدْبِر، أي: تغيب بضَوء الصُّبح. وفي هذه الصلاة قولان.
أحدهما: أنها الرَّكعتان قَبْل صلاة الفجر، رواه عليٌّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو قول الجمهور.
والثاني: أنها صلاة الغداة، قاله الضحاك، وابن زيد.