التفاسير

< >
عرض

وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ
٤٤
فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ
٤٥
يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٤٦
وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٤٧
وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ
٤٨
وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ ٱلنُّجُومِ
٤٩
-الطور

زاد المسير في علم التفسير

ثم ذكر عنادهم فقال: { وإن يَرَوْا كِسْفاً من السماء ساقطاً } والمعنى: لو سقط بعضُ السماء عليهم لَمَا انتهوا عن كفرهم، ولَقالوا: هذه قِطعة من السَّحاب قدُركم بعضُه على بعض.

{ فذرْهم } أي خَلِّ عنهم { حتَّى يُلاقُوا } قرأ أبو جعفر «يَلْقَوا» بفتح الياء والقاف وسكون اللام من غير ألف { يوْمَهم } وفيه ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه يوم موتهم.

والثاني: يوم القيامة.

والثالث: يوم النَّفخة الأولى.

قوله تعالى: { يُصْعَقُون } قرأ عاصم، وابن عامر: «يُصْعَقُون» برفع الياء، من أصعَقَهم غيرُهم؛ والباقون بفتحها، من صعقوهم.

وفي قوله: { يُصْعقون } قولان.

أحدهما: يموتون.

والثاني: يُغشى عليهم، كقوله: { { وخَرَّ موسى صعِقاً } [الأعراف: 143] وهذا يخرج على قول من قال: هو يوم القيامة، فإنهم يُغْشى عليهم من الأهوال. وذكر المفسرون أن هذه الآية منسوخة بآية السيف، ولا يصح، لأن معنى الآية الوعيد.

قوله تعالى: { يوْم لا يُغْني عنهم كيْدُهم شيئاً } هذا اليوم الأول؛ والمعنى: لا ينفعهم مكرهم ولا يدفع عنهم العذاب { ولا هُمْ يُنْصَرون } أي: يُمْنعون من العذاب.

قوله تعالى: { وإِنَّ لِلَّذين ظلموا } أي: أشركوا { عذاباً دون ذلك } أي: قبْل ذلك اليوم؛ وفيه أربعة أقوال.

أحدها: أنه عذاب القبر، قاله البراء، وابن عباس.

والثاني: عذاب القتل يوم بدر، وروي عن ابن عباس أيضاً، وبه قال مقاتل.

والثالث: مصائبهم في الدنيا، قاله الحسن، وابن زيد.

والرابع: عذاب الجوع، قاله مجاهد.

قوله تعالى: { ولكنَّ أكثرهم لا يعْلمون } أي: لا يعلمون ما هو نازلٌ بهم.

{ واصْبِر لحُكم ربِّك } أي: لما يحكُم به عليك { فإنَّك بأعيُننا } قال الزجّاج: فإنك بحيث نراك ونحفظك ونرعاك، فلا يصِلون إلى مكروهك. وذكر المفسرون: أن معنى الصبر نُسخ بآية السيف، ولا يصح لأنه لا تضادَّ.

{ وسبِّح بحمد ربِّك حين تقوم } فيه ستة أقوال.

أحدها: صلِّ لله حين تقوم من منامك، قاله ابن عباس.

والثاني: قُلْ: "سبحانك اللهمَّ وبحمدك" حين تقوم من مجلسك، قاله عطاء، وسعيد بن جبير، ومجاهد في آخرين.

والثالث: قُلْ «سبحانك الله وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جُّدك ولا إله غيرك» حين تقوم في الصلاة، قاله الضحاك.

والرابع: سبِّح الله إذا قُمْت من نومك، قاله حسّان بن عطيّة.

والخامس: صلِّ صلاة الظُّهر إذا قُمْت من نوم القائلة، قاله زيد بن أسلم.

والسادس: اذْكُر الله بلسانك حين تقوم من فراشك إلى أن تدخُل في الصلاة، قاله ابن السائب.

قوله تعالى: { ومِن اللَّيل فسبِّحْه } قال مقاتل: صلِّ المغرب وصلِّ العِشاء { وإدبار النُّجوم } قرأ زيد عن يعقوب، وهارون عن أبي عمرو، والجعفي عن أبي بكر: «وأدبار النُّجوم» بفتح الهمزة؛ وقرأ الباقون بكسرها. وقد شرحناها في [ق:40]؛ والمعنى: صلِّ له في إدبار النجوم، أي: حين تُدْبِر، أي: تغيب بضَوء الصُّبح. وفي هذه الصلاة قولان.

أحدهما: أنها الرَّكعتان قَبْل صلاة الفجر، رواه عليٌّ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو قول الجمهور.

والثاني: أنها صلاة الغداة، قاله الضحاك، وابن زيد.