التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
١٦
ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
١٧
-الحديد

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ألم يأن للذين آمنوا } اختلفوا فيمن نزلت على قولين.

أحدهما: أنها نزلت في المؤمنين. قال ابن مسعود: ما كان بين إسلامنا، وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين، فجعل المؤمنون يعاتب بعضهم بعضاً.

والثاني: أنها نزلت في المنافقين، قاله أبو صالح عن ابن عباس. قال مقاتل: سأل المنافقون سلمان الفارسي فقالوا: حدِّثنا عن التوراة، فإن فيها العجائب، فنزلت هذه الآية. وقال الزجاج: نزلت هذه الآية في طائفة من المؤمنين حَثُّوا على الرِّقَّة والخشوع. فأما من كان وصفه الله عز وجل بالخشوع، والرِّقَّة، فطبقة من المؤمنين فوق هؤلاء. فعلى الأول: يكون الإيمان حقيقة. وعلى الثاني: يكون المعنى: «ألم يأن للذين آمنوا» بألسنتهم. قال ابن قتيبة: المعنى: ألم يحن، تقول: أنى الشيء: إذا حان.

قوله تعالى: { أن تخشع قلوبهم } أي: تَرِقَّ وتلين لذكر الله. المعنى: أنه يجب أن يورثهم الذِّكْر خشوعاً { وما نزل من الحق } قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي «وما نزَّل» بفتح النون، والزاي، مع تشديد الزاي. وقرأ نافع، وحفص، والمفضل عن عاصم «نزل» بفتح النون، وتخفيف الزاي. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو العالية، وابن يعمر، ويونس بن حبيب عن أبي عمرو، وأبان عن عاصم «نُزِّل» برفع النون، وكسر الزاي، مع تشديدها. وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء «وما أَنزل» بهمزة مفتوحة، وفتح الزاي. وقرأ أبو مجلز، وعمرو بن دينار مثله، إلا أنه بضم الهمزة، وكسر الزاي. و«الحق» القرآن { ولا يكونوا } قرأ رويس عن يعقوب «لا تكونوا» بالتاء { كالذين أوتوا الكتاب } يعني: اليهود، والنصارى { فطال عليهم الأمد } وهو: الزمان. وقال ابن قتيبة: الأمد: الغاية. والمعنى: أنه بَعُد عهدهم بالأنبياء والصالحين { فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون } وهم الذين لم يؤمنوا بعيسى ومحمد عليهما السلام { إعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها } أي: يخرج منها النبات بعد يبسها، فكذلك يقدر على إحياء الأموات { قد بينا لكم الآيات } الدالة على وحدانيته وقدرته { لعلكم تعقلون } أي: لكي تتأملوا.