التفاسير

< >
عرض

وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
٧٠
-الأنعام

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً } فيهم قولان.

أحدهما: أنها الكفار. والثاني: اليهود والنصارى.

وفي اتخاذهم دينهم لعباً ولهواً ثلاثة أقوال. أحدها: أنه استهزاؤهم بآيات الله إذا سمعوها.

والثاني: أنهم دانوا بما اشتَهوا، كما يلهون بما يشتهون.

والثالث: أنهم يحافظون على دينهم إذا اشتَهوا، كما يلهون إذا اشتَهوا. قال الفراء: ويقال: إنه ليس من قوم إلا ولهم عيد، فهم يَلْهون في أعيادهم، إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فان أعيادهم صلاة وتكبير وبرٌ وخير.

فصل

ولعلماء الناسخ والمنسوخ في هذا القدر من الآية، قولان.

أحدهما: أنه خرج مخرج التهديد، كقوله: { ذرني ومن خلقت وحيداً } [المدثر: 11] فعلى هذا، هو محكم. وإلى هذا المعنى ذهب مجاهد.

والثاني: أنه اقتضى المسامحة لهم والإعراض عنهم، ثم نسخ بآية السيف؛ وإلى هذا ذهب قتادة، والسدي.

قوله تعالى: { وذكِّر به } أي: عظ بالقرآن. وفي قوله: { أن تبسل } قولان.

أحدهما: لئلا تبسل نفس كقوله: { أن تضلوا } [النساء: 176].

والثاني: ذكرّهم إبسال المبسلين بجناياتهم، لعلَّهم يخافون.

وفي معنى { تبسل } سبعة اقوال.

أحدها: تُسْلَم. رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال الحسن، ومجاهد، والسدي. وقال ابن قتيبة: تُسْلَم إلى الهلكة. قال الشاعر:

وإبسالي بَنّي بِغَيْرِ جُرْمٍ بَعَوْناه ولا بِدِمٍ مُرَاقِِ

أي: بغير جرم أجرمناه؛ والبَعْوُ: الجناية. وقال الزجاج: تُسْلَمُ بعملها غير قادرة على التخلص. والمستبسل: المستسلم الذي لا يعلم أنه يقدر على التخلص.

والثاني: تُفْضَح، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثالث: تُدفع، رواه الضحاك عن ابن عباس.

والرابع: تُهلَكُ، روي عن ابن عباس أيضاً.

والخامس: تُحبس وتُؤخذ، قاله قتادة، وابن زيد.

والسادس: تُجزى، قاله ابن السائب، والكسائي.

والسابع: تُرتهن، قاله الفراء. وقال أبو عبيدة: تُرتهن وتسلم؛ وأنشد

هُنَالِكَ لا أرْجُو حَياةً تَسُرُّنِي سَمِيْرَ اللَّيالي مُبْسَلاً بالجَرَائِر

سمير الليالي: أبَدَ الليالي. فأما الولي: فهو الناصر الذي يمنعها من عذاب الله. والعدل: الفداء. قال ابن زيد: وإن تفتد كلَّ فداء لا يقبل منها. فأما الحميم، فهو الماء الحار. قال ابن قتيبة: ومنه سمي الحمّام.