قوله تعالى: { لا تلهكم } أي: لا تشغَلكم. وفي المراد بذكر الله هاهنا أربعة أقوال:
أحدها: طاعة الله في الجهاد، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: الصلاة المكتوبة، قاله عطاء، ومقاتل.
والثالث: الفرائض من الصلاة، وغيرها، قاله الضحاك.
والرابع: أنه على إطلاقه. قال الزجاج: حضَّهم بهذا على إدامة الذكر.
قوله تعالى: { وأنفِقوا مما رزقناكم } في هذه النفقة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه زكاة الأموال، قاله ابن عباس.
والثاني: أنها النفقة في الحقوق الواجبة بالمال، كالزكاة والحج، ونحو ذلك، وهذا المعنى مروي عن الضحاك.
والثالث: أنه صدقة التطوّع، ذكره الماوردي. فعلى هذا يكون الأمر ندباً، وعلى ما قبله يكون أمر وجوب.
قوله تعالى: { من قبل أن يأتيَ أحدَكم الموتُ } قال الزجاج: أي: من قبل أن يعاين ما يعلم منه أنه ميت.
قوله تعالى: { لولا أخرتني } أي: هلاَّ أخرتني { إلى أجل قريب } يعني بذلك الاستزادة في أجله ليتصدَّق ويزكّي، وهو قوله تعالى: { فأَصَّدَّق } قال أبو عبيدة: «فأصدق» نصب، لأن كل جواب بالفاء للاستفهام منصوب. تقول: مَنْ عندك فآتيَك. هلاَّ فعلت كذا فأفعَل كذا، ثم تبعتْها { وأكنْ من الصالحين } بغير واو. وقال أبو عمرو: إنما هي، وأكون، فذهبت الواو من الخط. كما يكتب أبو جاد أبجد هجاءً، وهكذا يقرؤها أبو عمرو «وأكونَ» بالواو، ونصب النون. والباقون يقرؤون «وأكن» بغير واو. قال الزجاج: من قرأ «وأكونَ» فهو على لفظ فأصَّدَّقَ. ومن جزم «أكنْ» فهو على موضع «فأصدق» لأن المعنى: إن أخرتني أصدق وأكن. وروى أبو صالح عن ابن عباس «فأصَّدَّق» أي: أُزكي مالي «وأكنْ من الصالحين» أي: أَحُجّ مع المؤمنين، وقال في قوله تعالى: { والله خبير بما تعملون } والمعنى: بما تعملون من التكذيب بالصدقة. قال مقاتل: يعني: المنافقين. وروى الضحاك عن ابن عباس، ما من أحد يموت، وقد كان له مال لم يزكّه، وأطاق الحج فلم يحج، إلا سأل الله الرجعة عند الموت، فقالوا له: إنما يسأل الرجعة الكفار، فقال: أنا أتلو عليكم به قرآنا، ثم قرأ هذه الآية.