التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٩
وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
١٠
وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١١
-المنافقون

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { لا تلهكم } أي: لا تشغَلكم. وفي المراد بذكر الله هاهنا أربعة أقوال:

أحدها: طاعة الله في الجهاد، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: الصلاة المكتوبة، قاله عطاء، ومقاتل.

والثالث: الفرائض من الصلاة، وغيرها، قاله الضحاك.

والرابع: أنه على إطلاقه. قال الزجاج: حضَّهم بهذا على إدامة الذكر.

قوله تعالى: { وأنفِقوا مما رزقناكم } في هذه النفقة ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه زكاة الأموال، قاله ابن عباس.

والثاني: أنها النفقة في الحقوق الواجبة بالمال، كالزكاة والحج، ونحو ذلك، وهذا المعنى مروي عن الضحاك.

والثالث: أنه صدقة التطوّع، ذكره الماوردي. فعلى هذا يكون الأمر ندباً، وعلى ما قبله يكون أمر وجوب.

قوله تعالى: { من قبل أن يأتيَ أحدَكم الموتُ } قال الزجاج: أي: من قبل أن يعاين ما يعلم منه أنه ميت.

قوله تعالى: { لولا أخرتني } أي: هلاَّ أخرتني { إلى أجل قريب } يعني بذلك الاستزادة في أجله ليتصدَّق ويزكّي، وهو قوله تعالى: { فأَصَّدَّق } قال أبو عبيدة: «فأصدق» نصب، لأن كل جواب بالفاء للاستفهام منصوب. تقول: مَنْ عندك فآتيَك. هلاَّ فعلت كذا فأفعَل كذا، ثم تبعتْها { وأكنْ من الصالحين } بغير واو. وقال أبو عمرو: إنما هي، وأكون، فذهبت الواو من الخط. كما يكتب أبو جاد أبجد هجاءً، وهكذا يقرؤها أبو عمرو «وأكونَ» بالواو، ونصب النون. والباقون يقرؤون «وأكن» بغير واو. قال الزجاج: من قرأ «وأكونَ» فهو على لفظ فأصَّدَّقَ. ومن جزم «أكنْ» فهو على موضع «فأصدق» لأن المعنى: إن أخرتني أصدق وأكن. وروى أبو صالح عن ابن عباس «فأصَّدَّق» أي: أُزكي مالي «وأكنْ من الصالحين» أي: أَحُجّ مع المؤمنين، وقال في قوله تعالى: { والله خبير بما تعملون } والمعنى: بما تعملون من التكذيب بالصدقة. قال مقاتل: يعني: المنافقين. وروى الضحاك عن ابن عباس، ما من أحد يموت، وقد كان له مال لم يزكّه، وأطاق الحج فلم يحج، إلا سأل الله الرجعة عند الموت، فقالوا له: إنما يسأل الرجعة الكفار، فقال: أنا أتلو عليكم به قرآنا، ثم قرأ هذه الآية.