قوله تعالى: { وكأين } أي: وكم { من قرية عتت عن أمر ربها ورسله } أي: عن أمر رسله. والمعنى: عتا أهلها. قال ابن زيد: عتت، أي: كفرت، وتركت أمر ربها، فلم تقبله. وفي باقي الآية قولان.
أحدهما: أن فيها تقديماً، وتأخيراً. والمعنى: عذَّبناها عذاباً نكراً في الدنيا بالجوع، والسيف، والبلايا، وحاسبناها حساباً شديداً في الآخرة، قاله ابن عباس، والفراء في آخرين.
والثاني: أنها على نظمها، والمعنى: حاسبناها بعملها في الدنيا، فجازيناها بالعذاب على مقدار عملها؛ فذلك قوله تعالى: «وعذَّبناها» فجعل المجازاة بالعذاب محاسبة. والحساب الشديد: الذي لا عفو فيه، والنكر: المنكر { فذاقت وبال أمرها } أي: جزاء ذنبها { وكان عاقبة أمرها خسراً } في الدنيا، والآخرة، وقال ابن قتيبة: الخسر: الهلكة.
قوله تعالى: { قد أنزل الله إليكم ذكراً } أي: قرآنا { رسولاً } أي: وبعثه رسولاً، قاله مقاتل. وإِلى نحوه ذهب السدي. وقال ابن السائب: الرسول هاهنا: جبرائيل، فعلى هذا: يكون الذِّكر والرسول جميعاً منزَّلين. وقال ثعلب: الرسول: هو الذِّكر. وقال غيره: معنى الذكر هاهنا: الشرف. وما بعده قد تقدَّم [البقرة: 257، والأحزاب: 43، والتغابن: 9] إِلى قوله تعالى: { قد أحسن الله له رزقاً } يعني: الجنة التي لا ينقطع نعيمها.