التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
٦
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٧
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٨
-التحريم

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { قوا أنفسكم وأهليكم ناراً } وقاية النفس: بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، ووقاية الأهل: بأن يُؤْمَروا بالطاعة، ويُنْهَوا عن المعصية. وقال علي رضي الله عنه: علِّموهم وأدِّبوهم { وقودها الناس والحجارة } وقد ذكرناه في [البقرة: 24] { عليها ملائكةٌ غِلاظٌ } على أهل النار { شِدادٌ } عليهم. وقيل: غلاظ القلوب شِدَاد الأبدان. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: خَزَنَةُ النَّار تسعةَ عشر، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة، وقُوَّته: أن يضرب بالمقمعة، فيدفع بتلك الضربة سبعين ألفاً. فيهوُون في قعر جهنَّم { لا يعصون الله ما أمرهم } أي: لا يخافون فيما يأمر { ويفعلون ما يؤمرون } فيه قولان.

أحدهما: لا يتجاوزون ما يؤمرون.

والثاني: يفعلونه في وقته لا يؤخِّرونه، ولا يقدِّمونه. ويقال لأهل النار: { يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم }.

قوله تعالى: { توبوا إلى الله توبة نصوحاً } قرأ أبو بكر عن عاصم، وخارجة عن نافع «نصوحاً» بضم النون. والباقون بفتحها. قال الزجاج: فمن فتح فعلى صفة التوبة، ومعناه: توبةً بالغةً في النصح، و«فَعُول» من أسماء الفاعلين التي تستعمل للمبالغة في الوصف. تقول: رجل صبور، وشكور. ومن قرأ بالضم، فمعناه: ينصحون فيها نصوحاً، يقال: نصحت له نصحاً، ونصاحة، ونصوحاً. وقال غيره: من ضم أراد: توبة نُصْحٍ لأنفسكم. وقال عمر بن الخطاب: التوبة النصوح: أن يتوب العبد من الذنب وهو يحدِّث نفسه أنَّه لا يعود. وسئل الحسن البصري عن التوبة النصوح، فقال: ندم بالقلب، واستغفار باللسان، وترك بالجوارح، وإضمار أن لا يعود. وقال ابن مسعود: التوبة النصوح تكفر كل سيئة، ثم قرأ هذه الآية.

قوله تعالى: { يوم لا يخزي الله النبي } قد بيَّنا معنى «الخزي» في [آل عمران: 192] وبيَّنا معنى قوله تعالى: { نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم } في [الحديد: 12] { يقولون ربنا أتمم لنا نورنا } وذلك إذا رأى المؤمنون نور المنافقين يُطفأ سألوا الله تعالى أن يتمم لهم نورهم، ويبلِّغهم به الجنة. قال ابن عباس: ليس أحد من المسلمين إِلا يعطى نوراً يوم القيامة. فأما المنافق فيُطفَأ نورُه، والمؤمن مُشْفِق مما رأى من إطفاء نور المنافق، فهم يقولون: «ربنا أتمم لنا نورنا».