قوله تعالى: { قوا أنفسكم وأهليكم ناراً } وقاية النفس: بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، ووقاية الأهل: بأن يُؤْمَروا بالطاعة، ويُنْهَوا عن المعصية. وقال علي رضي الله عنه: علِّموهم وأدِّبوهم { وقودها الناس والحجارة } وقد ذكرناه في [البقرة: 24] { عليها ملائكةٌ غِلاظٌ } على أهل النار { شِدادٌ } عليهم. وقيل: غلاظ القلوب شِدَاد الأبدان. وروى أبو صالح عن ابن عباس قال: خَزَنَةُ النَّار تسعةَ عشر، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة، وقُوَّته: أن يضرب بالمقمعة، فيدفع بتلك الضربة سبعين ألفاً. فيهوُون في قعر جهنَّم { لا يعصون الله ما أمرهم } أي: لا يخافون فيما يأمر { ويفعلون ما يؤمرون } فيه قولان.
أحدهما: لا يتجاوزون ما يؤمرون.
والثاني: يفعلونه في وقته لا يؤخِّرونه، ولا يقدِّمونه. ويقال لأهل النار: { يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم }.
قوله تعالى: { توبوا إلى الله توبة نصوحاً } قرأ أبو بكر عن عاصم، وخارجة عن نافع «نصوحاً» بضم النون. والباقون بفتحها. قال الزجاج: فمن فتح فعلى صفة التوبة، ومعناه: توبةً بالغةً في النصح، و«فَعُول» من أسماء الفاعلين التي تستعمل للمبالغة في الوصف. تقول: رجل صبور، وشكور. ومن قرأ بالضم، فمعناه: ينصحون فيها نصوحاً، يقال: نصحت له نصحاً، ونصاحة، ونصوحاً. وقال غيره: من ضم أراد: توبة نُصْحٍ لأنفسكم. وقال عمر بن الخطاب: التوبة النصوح: أن يتوب العبد من الذنب وهو يحدِّث نفسه أنَّه لا يعود. وسئل الحسن البصري عن التوبة النصوح، فقال: ندم بالقلب، واستغفار باللسان، وترك بالجوارح، وإضمار أن لا يعود. وقال ابن مسعود: التوبة النصوح تكفر كل سيئة، ثم قرأ هذه الآية.
قوله تعالى: { يوم لا يخزي الله النبي } قد بيَّنا معنى «الخزي» في [آل عمران: 192] وبيَّنا معنى قوله تعالى: { نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم } في [الحديد: 12] { يقولون ربنا أتمم لنا نورنا } وذلك إذا رأى المؤمنون نور المنافقين يُطفأ سألوا الله تعالى أن يتمم لهم نورهم، ويبلِّغهم به الجنة. قال ابن عباس: ليس أحد من المسلمين إِلا يعطى نوراً يوم القيامة. فأما المنافق فيُطفَأ نورُه، والمؤمن مُشْفِق مما رأى من إطفاء نور المنافق، فهم يقولون: «ربنا أتمم لنا نورنا».