التفاسير

< >
عرض

تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١
ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ
٢
ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ
٣
ثُمَّ ٱرجِعِ ٱلبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ ٱلبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ
٤
وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ
٥
وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
٦
إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ
٧
تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ
٨
قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ
٩
وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ
١٠
فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ
١١
-الملك

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { تبارك } قد شرحناه في [الأعراف:54].

قوله تعالى: { الذي بيده الملك } قال ابن عباس: يعني: السلطان يُعِزُّ ويُذِلُّ.

قوله تعالى: { الذي خلق الموت والحياة } قال الحسن: خلق الموت المزيل للحياة، والحياة التي هي ضد الموت { ليبلوكم أيكم أحسن عملاً } قد شرحناه في [هود:7] قال الزجاج: والمعلَّق بـ { أيكم } مضمر تقديره: ليبلوكم، فيعلم أيُّكم أحسن عملاً، وهذا علم وقوع. وارتفعت «أي» بالابتداء، ولا يعمل فيها ما قبلها، لأنها على أصل الاستفهام، ومثله { أيُّ الحزبين أحصى } [الكهف:12]. والمعنى: خلق الحياة ليختبركم فيها، وخلق الموت ليبعثَكم ويجازيَكم. وقال غيره: اللام في «ليبلوَكم» متعلق بخلق الحياة دون خلق الموت، لأن الابتلاء بالحياة، { الذي خلق سبع سموات طباقاً } أي: خلقهنَّ مطابقات، أي: بعضها فوق بعض { ما ترى } يا ابن آدم { في خلق الرحمن من تفاوت } قرأ حمزة والكسائي: «من تفوُّت» بتشديد الواو من غير ألف. وقرأ الباقون بألف. قال الفراء: وهما بمنزلة واحدة، كما تقول: تعاهدت الشيء، وتعهَّدته. والتفاوت: الاختلاف. وقال ابن قتيبة: التفاوت: الاضطراب والاختلاف، وأصله من الفوت، وهو أن يفوت شيء شيئاً، فيقع الخلل، ولكنه متصل بعضه ببعض.

قوله تعالى: { فارجع البصر } أي: كرِّر البصر { هل ترى من فطور } وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، «هل ترى» بإدغام اللام في التاء، أي: هل ترى فيها فروجاً وصُدوعاً.

قوله تعالى: { ثم ارجع البصر كرَّتين } أي: مرَّةً بعد مرَّة { ينقلبْ إليك البصر خاسئاً } قال ابن قتيبة: أي: مبعداً من قولك: خسأتُ الكلب: إذا باعدتَه { وهو حسير } أي: كليل منقطع عن أن يلحق ما نظر إليه. وقال الزجاج: قد أعيا من قبل أن يرى في السماء خَلَلاً.

قوله تعالى: { ولقد زيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح } وقد شرحناه في [حم السجدة:12] { وجعلناها رجوماً للشياطين } أي: يرجم بها مسترقو السمع. وقد سبق بيان هذا المعنى [الحجر:18] { وأعتدنا لهم } أي: في الآخرة { عذاب السعير } وهذا وما بعده قد سبق بيانه إلى قوله تعالى: { سمِعوا لها شهيقاً } أي: صوتاً مثل صوت الحمار. وقد بينا معنى الشهيق في [هود:106] { وهي تفور } أي: تغلي بهم كغلي المِرْجَل { تكاد تميَّز } أي: تتقطَّع من تَغَيُّظها عليهم { كلما أُلقي فيها فَوْجٌ } أي: جماعة منهم { سألهم خَزَنَتُها ألم يأتكم نذير؟! } وهذا سؤال توبيخ.

قوله تعالى: { إِن أنتم } أي: قلنا للرسل: { إن أنتم إلا في ضلال } أي: في ذهاب عن الحق بعيد. قال الزجاج: ثم اعترفوا بجهلهم فقالوا: { لو كنا نسمع } أي: سماع من يعي ويفكِّر { أو نعقل } عقل من يُميِّز وينظر { ما كنا } من أهل النار { فسحقاً } أي: بُعْدَاً. وهو منصوب على المصدر، المعنى: أسحقهم الله سحقاً، أي: باعدهم الله من رحمته مباعدة، والسحيق: البعيد. وكذلك روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس «فسحقاً» أي: بُعْدَاً. وقال سعيد بن جبير، وأبو صالح: السُّحق: وادٍ في جهنم يقال له: سُحق.