التفاسير

< >
عرض

أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مِّن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ
٢٠
أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ
٢١
أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٢٢
قُلْ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ
٢٣
قُلْ هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
٢٤
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٢٥
قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٢٦
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ
٢٧
-الملك

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { أمَّن هذا الذي هو جند لكم } هذا استفهام إنكار. ولفظ «الجُنْدِ» مُوحَّد، فلذلك قال تعالى: «هذا الذي هو» والمعنى: لا جُنْدَ لكم { ينصركم } أي: يمنعكم من عذاب الله إن أراده بكم { إنِ الكافرون إلا في غرور } وذلك أن الشيطان يغرُّهم، فيقول: إن العذاب لا ينزل بكم { أمَّن هذا الذي يرزقكم } المطر وغيرَه { إن أمسك } الله ذلك عنكم { بل لجُّوا في عُتُوٍّ } أي: تمادٍ في كفر { ونفور } عن الإيمان.

ثم ضرب مثلاً، فقال تعالى: { أفمن يمشي مُكِبّاً على وجهه } قال ابن قتيبة: أي: لا يبصر يميناً، ولا شمالاً، ولا من بين يديه. يقال: أكبَّ فلانٌ على وجهه بالألف، وكبَّه الله لوجهه، وأراد: الأعمى. قال المفسرون: هذا مثل للمؤمن، والكافر. و«السويُّ»: المعتدل، أي: الذي يبصر الطريق. وقال قتادة: هذا في الآخرة يحشر الله الكافر مُكِبّاً على وجهه، والمؤمن يمشي سوياً.

قوله تعالى: { قليلاً ما تشكرون } فيه قولان.

أحدهما: أنهم لا يشكرون، قاله مقاتل.

والثاني: يشكرون قليلاً، قاله أبو عبيد.

قوله تعالى: { ذَرَأَكُمْ } أي: خلقكم { ويقولون متى هذا الوعد } يعنون بالوعد: العذابَ { فلما رأوه زُلْفَةً } أي: رأوا العذاب قريباً منهم { سِيْئَتْ وجوه الذين كفروا } قال الزجاج: أي: تبين فيها السُّوءُ. وقال غيره: قُبِّحْت بالسواد { وقيل هذا الذي كنتم به تَدَّعُونَ } فيه قولان.

أحدهما: أنَّ «تدَّعون» بالتشديد، بمعنى تدعون بالتخفيف، وهو «تفتعلون» من الدعاء. يقال: دعوت، وادَّعيت، كما يقال: خَبَرْتُ وَاخْتَبَرْتُ، ومثله: يَدَّكِرون، ويَدْكُرون، هذا قول الفراء، وابن قتيبة.

والثاني: أن المعنى: هذا الذي كنتم من أجله تَدَّعون الأباطيلَ والأكاذيبَ، تَدَّعون أنكم إِذا مُتُّم لا تُبْعَثُون؟! وهذا اختيار الزجاج. وقرأ أبو رزين، والحسن، وعكرمة، وقتادة، والضحاك، وابن أبي عبلة، ويعقوب: «تَدْعون» بتخفيف الدال، وسكونها، بمعنى تَفْعَلون من الدعاء. وقال قتادة: كانوا يَدعُون بالعذاب.