قوله تعالى: { ولقد ذرأنا } أي: خلقنا. قال ابن قتيبة: ومنه ذرية الرجل، إنما هي الخلق منه، ولكن همزها يتركه أكثر العرب.
قوله تعالى: { لجهنم } هذه اللام يسميها بعض أهل المعاني لام العاقبة، كقوله:
{ { ليكون لهم عدواً وحزناً } [القصص: 8] ومثله قول الشاعر: أمْوالُنَا لِذَوِي المِيْرَاثِ نَجْمَعُهَا وَدُوْرُنَا لِخَرَابِ الدَّهْرِ نَبْنِيْها
ودخل رجل على عمر بن عبد العزيز يعزِّيه بموت ابنه، فقال: تعزَّ أمِيْرَ المؤمنينَ فإنَّه لِما قَدْ تَرَى يُغْذَى الصَّغِيْرُ ويُوْلَدُ
وقد أخبر الله عز وجل في هذه الآية بنفاذ عِلمه فيهم أنهم يصيرون إليها بسبب كفرهم. قوله تعالى: { لهم قلوب لا يفقهون بها } لمّا أعرض القوم عن الحق والتفكر فيه، كانوا بمنزلة من لم يفقه ولم يُبصر ولم يسمع. وقال محمد بن القاسم النحوي: أراد بهذا كله أمر الآخرة، فانهم يعقلون أمر الدنيا.
قوله تعالى: { أولئك كالأنعام } شبَّههم بالأنعام لأنها تسمع وتبصر، ولا تعتبر، ثم قال: { بل هم أضل } لأن الأنعام تبصر منافعها ومضارها، فتلزم بعض ما تبصره، وهؤلاء يعلم أكثرهم أنه معاند، فيُقدِم على النار، { أولئك هم الغافلون } عن أمر الآخرة.