قوله تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} قال ابن زيد: لما نزلت {خذ العفو} قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا رب كيف بالغضب؟ فنزلت هذه الآية. فأما قوله {وإما} فقد سبق بيانه في سورة (البقرة) في قوله:
{ { فإِما يأتينكم مني هدى } } [البقرة: 38]، وقال أبو عبيدة: ومجاز الكلام: وإما تستخفَّنَّك منه خفة وغضب وَعَجَلة. وقال السدي: النزغ: الوسوسة وحديث النفس. قال الزجاج: النزغ: أدنى حركة تكون، تقول: قد نزغته: إذا حركته. وقد سبق معنى الاستعاذة. قوله تعالى: {إذا مسهم طائف} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي: «طيف» بغير ألف. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة: «طائف» بألف ممدوداً مهموزاً. وقرأ ابن عباس، وابن جبير، والجحدري، والضحاك: «طَيِّفٌ» بتشديد الياء من غير ألف. وهل الطائف والطيف بمعنى واحد، أم يختلفان، فيه قولان.
أحدهما: أنهما بمعنى واحد، وهما ما كان كالخيال والشيء يُلم بك، حكي عن الفراء. وقال الأخفش: الطيف أكثر في كلام العرب من الطائف، قال الشاعر:
ألا يالَقَوْمٍ لِطَيْفِ الخَيال أرَّقَ مِنْ نَازِحٍ ذي دَلاَلِ
والثاني: أن الطائف: ما يطوف حول الشيء، والطيف: اللَّمة والوسوسة والخَطْرة، حكي عن أبي عمرو وروي عن ابن عباس أنه قال: الطائف: اللَّمة من الشيطان، والطيف: الغضب. وقال ابن الأنباري: الطائف: الفاعل من الطيف؛ والطيف عند أهل اللغة: اللَّمم من الشيطان؛ وزعم مجاهد أنه الغضب. قوله تعالى: {تذكَّروا} فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: تذكَّروا الله إذا همُّوا بالمعاصي فتركوها، قاله مجاهد.
والثاني: تفكَّروا فيما أوضح الله لهم من الحجة، قاله الزجاج.
والثالث: تذكَّروا غضب الله، والمعنى: إذا جرَّأهم الشيطان على مالا يحل، تذكَّروا غضب الله، فأمسكوا، فاذا هم مبصرون لمواضع الخطأ بالتفكر.