التفاسير

< >
عرض

يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ
٣١
-الأعراف

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { يا بني آدم خذوا زينتكم } سبب نزولها: أن ناساً من الأعراب كانوا يطوفون بالبيت عراةً، الرجال بالنهار، والنساء بالليل، وكانت المرأة تعلِّق على فرجها سيوراً، وتقول:

اليومَ يَبْدُو بَعْضُهُ أو كُلُّهُ وَمَا بَدا مِنْهُ فَلا أُحِلُّهُ

فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس. وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: كانوا إذا حجوا، فأفاضوا من منى، لا يصلح لأحد منهم في دينه الذي اشترعوا أن يطوف في ثوبيه، فيلقيهما حتى يقضي طوافه، فنزلت هذه الآية. وقال الزهري: كانت العرب تطوف بالبيت عراةً، إلا الحمس، قريشٌ وأحلافها، فمن جاء من غيرهم، وضع ثيابه وطاف في ثوبي أحمس، فان لم يجد من يُعيره من الحمس، ألقى ثيابه وطاف عرياناً، فان طاف في ثياب نفسه، جعلها حراماً عليه إذا قضى الطواف، فلذلك جاءت هذه الآية. وفي هذه الزينة قولان.

أحدهما: أنها الثياب. ثم فيه ثلاثة أقوال. أحدها: أنه ورد في ستر العورة في الطواف، قاله ابن عباس، والحسن في جماعة. والثاني: أنه ورد في ستر العورة في الصلاة، قاله مجاهد، والزجاج. والثالث: أنه ورد في التزين بأجمل الثياب في الجمع والأعياد، ذكره الماوردي.

والثاني: أن المراد بالزينة: المشط، قاله أبو رزين.

قوله تعالى: { وكلوا واشربوا } قال ابن السائب: كان أهل الجاهلية لا يأكلون في أيام حَجِّهم دَسَماً، ولا ينالون من الطعام إلا قوتاً، تعظيما لحجِّهم فنزل قوله: { وكلوا واشربوا } وفي قوله: { ولا تسرفوا } أربعة اقوال.

أحدها: لا تسرفوا بتحريم ما أحل لكم، قاله ابن عباس.

والثاني: لا تأكلوا حراماً، فذلك الإِسراف، قاله ابن زيد.

والثالث: لا تشركوا، فمعنى الإسراف هاهنا: الإشراك، قاله مقاتل.

والرابع: لا تأكلوا من الحلال فوق الحاجة، قاله الزجاج.

ونُقل أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق، فقال لعلي بن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم من علم الطب شيء، فقال. علي: قد جمع الله تعالى الطب في نصف آية من كتابنا. قال: ما هي؟ قال قوله تعالى: { وكلوا واشربوا ولا تسرفوا } قال النصراني ولا يؤثر عن نبيكم شيء من الطب، فقال: قد جمع رسولنا علم الطب في ألفاظ يسيرة قال: وما هي؟ قال: "المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء، وعوِّدوا كل بدن ما اعتاد" فقال النصراني: ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طباً.

قال المصنف: هكذا نقلتُ هذه الحكاية، إلا أن هذا الحديث المذكور فيها عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا يثبت. وقد جاءت عنه في الطب أحاديث قد ذكرتها في كتاب «لقط المنافع في الطب».