التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ وَٱلْبَغْيَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٣٣
-الأعراف

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { قل إنما حرَّم ربي الفواحش } قرأ حمزة: «ربيْ الفواحشَ» باسكان الياء. (ما ظهر منها وما بطن). فيه ستة أقوال.

أحدها: أن المراد بها الزنا، ما ظهر منه: علانيته، وما بطن: سرُّه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير.

والثاني: أن ما ظهر: نكاح الأمهات، وما بطن: الزنا، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال علي بن الحسين.

والثالث: أن ما ظهر: نكاح الأبناء نساء الآباء، والجمع بين الأختين، وأن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها، وما بطن: الزنا، روي عن ابن عباس أيضا.

والرابع: أن ما ظهر: الزنا، وما بطن: العزل، قاله شريح.

والخامس: أن ما ظهر: طواف الجاهلية عراة، وما بطن: الزنا، قاله مجاهد.

والسادس: أنه عامٌّ في جميع المعاصي. ثم في { ما ظهر منها وما بطن } قولان.

أحدهما: أن الظاهر: العلانية، والباطن: السر، قاله أبو سليمان الدمشقي.

والثاني: أن ما ظهر: أفعال الجوارح، والباطن: اعتقاد القلوب، قاله الماوردي. وفي الإثم ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه الذنب الذي لا يوجب الحدَّ، قاله ابن عباس، والضحاك، والفرَّاء.

والثاني: المعاصي كلها، قاله مجاهد.

والثالث: أنه الخمر، قاله الحسن، وعطاء. قال ابن الانباري: أنشدنا رجل في مجلس ثعلب بحضرته، وزعم أن أبا عبيدة أنشده:

نَشْرَبُ الإثْمَ بالصُّواع جِهَاراً وَنَرى المُتْكَ بيننا مُسْتَعَاراً

فقال أبو العباس: لا أعرفه، ولا أعرف الإثم: الخمر، في كلام العرب. وأنشدنا رجل آخر:

شَرِبْتُ الإثْمَ حَتَّى ضَلَّ عَقْلِي كَذَاكَ الإثْمُ تَذْهَبُ بالعُقُولِ

قال أبو بكر: وما هذا البيت معروفاً أيضا في شعر من يحتج بشعره، وما رأيت أحدا من أصحاب الغريب أدخل الإثم في أسماء الخمر، ولا سمَّتها العرب بذلك في جاهلية ولا إسلام.

فان قيل: إن الخمر تدخل تحت الإثم، فصواب، لا لأنه اسم لها.

فان قيل: كيف فصل الإثم عن الفواحش، وفي كل الفواحش إثم؟ فالجواب: أن كل فاحشة إثم، وليس كل إثم فاحشة، فكان الإثم كل فعل مذموم؛ والفاحشة: العظيمة. فأما البغي: فقال الفراء: هو الاستطالة على الناس.

قوله تعالى: { وأن تشركوا } قال الزجاج: موضع «أن» نصب؛ فالمعنى: حرَّم الفواحش، وحرَّم الشرك، والسلطان: الحجة.

قوله تعالى: { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } عام في تحريم القول في الدِّين من غير يقين.