التفاسير

< >
عرض

أَهَـۤؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ ٱللَّهُ بِرَحْمَةٍ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ
٤٩
-الأعراف

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة } فيه قولان.

أحدهما: أن أهل النار أقسموا أن أهل الأعراف داخلون النار معنا، وأن الله لن يدخلهم الجنة، فيقول الله لأهل النار: { أهؤلاء } يعني: أهل الأعراف { الذين اقسمتم لا ينالهم الله برحمة، ادخلوا الجنة } رواه وهب بن منبه عن ابن عباس. قال حذيفة: بينا أصحاب الأعراف هنالك، اطَّلع عليهم ربهم فقال لهم: «ادخلوا الجنة فاني قد غفرت لكم».

والثاني: أن أهل الأعراف يرون في الجنة الفقراء والمساكين الذين كان الكفار يستهزؤون بهم، كسلمان، وصهيب، وخبَّاب، فينادون الكفار: { أهؤلاء الذين أقسمتم } وأنتم في الدنيا { لا ينالهم الله برحمة } قاله ابن السائب. فعلى هذا، ينقطع كلام أهل الأعراف عند قوله: { برحمة }، ويكون الباقي من خطاب الله لأهل الجنة. وقد ذكر المفسرون في قوله: { ادخلوا الجنة } ثلاثة أقوال.

أحدها: أن يكون خطاباً من الله لأهل الأعراف، وقد ذكرناه.

والثاني: أن يكون خطاباً من الله لأهل الجنة.

والثالث: أن يكون خطاباً من أهل الأعراف لأهل الجنة، ذكرهما الزجاج. فعلى هذا الوجه الأخير، يكون معنى قول أهل الأعراف لأهل الجنة { ادخلوا الجنة }: اعلوا إلى القصور المشرفة، وارتفعوا إلى المنازل المنيفة، لأنهم قد رأوهم في الجنة. وروى مجاهد عن عبد الله بن الحارث قال: يؤتى بأصحاب الأعراف إلى نهر يقال له: الحياة، عليه قضبان الذهب مكلَّلة باللؤلؤ، فيُغمسون فيه، فيخرجون، فتبدو في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها، ويقال لهم: تمنَّوا ما شئتم، ولكم سبعون ضعفاً، فهم مساكين أهل الجنة.