قوله تعالى: { فإذا جاءت الطامة الكبرى } والطامة: الحادثة التي تطمُ على ما سواها، أي: تعلو فوقه. وفي المراد بها هاهنا ثلاثة أقوال.
أحدها: النفخة الثانية التي فيها البعث.
والثاني: أنها حين يقال لأهل النار: قوموا إلى النار.
والثالث: أنها حين يساق أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار.
قوله تعالى: { يتذكَّر الإنسان ما سعى } أي: ما عمل من خير وشر { وبُرِّزَتِ الجحيم لمن يرى } أي: لأبصار الناظرين. قال مقاتل: يكشف عنها الغطاء فينظر إليها الخلق. وقرأ أبو مجلز، وابن السميفع «لمن ترى» بالتاء. وقرأ ابن عباس، ومعاذ القارىء «لمن رأى» بهمزة بين الراء والألف.
قوله تعالى: { فأما من طغى } في كفره { وآثر الحياة الدنيا } على الآخرة { فإن الجحيم هي المأوى } قال الزجاج: أي: هي المأوى له. وهذا جواب «فإذا جاءت الطامة» فإن الأمر كذلك.
قوله تعالى: { وأما من خاف مقام ربه } قد ذكرناه في سورة [الرحمن:46].
قوله تعالى: { ونهى النفس عن الهوى } أي: عما تهوى من المحارم. قال مقاتل: هو الرجل يَهُمّ بالمعصية، فيذكر مقامه للحساب، فيتركها.
قوله تعالى: { يسألونك عن الساعة أيّان مرساها } قد سبق في [الأعراف:187] { فيم أنت مِن ذِكراها } أي: لست في شيءٍ من علمها وذِكْرِها. والمعنى: إنك لا تعلمها { إلى ربك منتهاها } أي: منتهى علمها { إنما أنت منذر من يخشاها } وقرأ أبو جعفر «منذرٌ» بالتنوين. ومعنى الكلام: إنما أنت مُخَوِّفٌ من يخافها. والمعنى: إنما ينفع إنذارك من يخافها، وهو المؤمن بها. وأما من لا يخافها فكأنه لم يُنْذَر { كأنهم } يعني: كفار قريش { يوم يرَونها } أي: يعاينون القيامه { لم يلبثوا } في الدنيا. وقيل: في قبورهم { إلا عشية أو ضحاها } أي: قَدْر آخر النهار من بعد العصر، أو أوله إلى أن ترتفع الشمس. قال الزجاج: والهاء والألف في «ضحاها» عائدان إلى العشية. والمعنى: إلا عشية، أو ضحى العشية. قال الفراء.
فإن قيل: للعشية ضحى، إنما الضحى لصدر النهار؟.
فالجواب: أن هذا ظاهر في كلام العرب أن يقولوا: آتيك العشية، أو غداتَها، أو آتيك الغداةَ، أو عَشِيَّتَها، فتكون العشية في معنى «آخر»، والغداة في معنى «أول». أنشدني بعض بني عقيل:
نَحْنُ صَبَحْنَا عَامِراً في دَارِها عَشِيَّةَ الهِلاَلِ أو سِرارِها
أراد: عشية الهلال، أو عشية سرار العشية، فهذا أشد من قولهم: آتيك الغداة أو عشيتها.