التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ
١٥
وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٦
-الأنفال

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً } الزحف: جماعة يزحفون إلى عدوهم؛ قاله الليث. والتزاحف: التداني والتقارب، قال الأعشى:

لِمَنِ الظَّعَائِنُ سَيْرُهُنَّ تَزَحُّف

قال الزجاج: ومعنى الكلام: إذا واقفتموهم للقتال فلا تُدبروا { ومن يولِّهم } يوم حربهم { دبره } إلا أن يتحرف ليقاتل، أو يتحيز إلى فئة، فـ «متحرِّفاً» و «متحيِّزاً» منصوبان على الحال. ويجوز أن يكون نصبهما على الاستثناء؛ فيكون المعنى: إلا رجلاً متحرفاً أو متحيزاً. وأصل متحيز: مُتْحَيْوِز؛ فأدغمت الياء في الواو.

قوله تعالى: { ومأواه جهنم } أي: مرجعه إليها؛ ولا يدل ذلك على التخليد.

فصل

اختلف العلماء في حكم هذه الآية، فقال قوم: هذه خاصة في أهل بدر، وهو مروي عن ابن عباس، وأبي سعيد الخدري، والحسن، وابن جبير، وقتادة، والضحاك. وقال آخرون: هي على عمومها في كل منهزم؛ وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً. وقال آخرون: هي على عمومها، غير أنها نسخت بقوله: { { فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } [الأنفال: 66] فليس للمسلمين أن يفروا من مِثلَيهم، وبه قال عطاء بن أبي رباح. وروى أبو طالب عن أحمد أنه سئل عن الفراء من الزحف، فقال: لا يفر رجل من رجلين؛ فان كانوا ثلاثة، فلا بأس. وقد نُقل نحو هذا عن ابن عباس. وقال محمد بن الحسن: إذا بلغ الجيش اثني عشر ألفاً، فليس لهم أن يفروا من عدوهم، وإن كثُر عددهم. ونقل نحو هذا عن مالك؛ ووجهه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما هُزم قوم إذا بلغوا اثني عشر ألفاً من قلة" إذا صبروا وصدقوا.