التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ ٱلْتَقَيْتُمْ فِيۤ أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِيۤ أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ
٤٤
-الأنفال

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلاً } قال مقاتل: صدَّق الله رؤيا رسوله التي أخبر بها المؤمنين عن قلة عدوهم قبل لقائهم، بأن قلَّلهم وقت اللقاء في أعينهم. وقال ابن مسعود: لقد قلُّوا في أعيننا، حتى قلت لرجل إلى جانبي: أتُراهم سبعين؟ قال: أُراهم مائة؛ حتى أخذنا رجلاً منهم، فسألناه، فقال: كنَّا ألفاً. قال أبو صالح عن ابن عباس: استقلَّ المسلمون المشركين، والمشركون المسلمين، فاجترأ بعضهم على بعض.

فان قيل: ما فائدة تكرير الرؤية هاهنا، وقد ذكرت في قوله: { إذ يريكهم الله }؟ فعنه جوابان.

أحدهما: أن الأولى كانت في المنام، والثانية في اليقظة.

والثاني: أن الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة. والثانية: له ولأصحابه. فان قيل: تكثير المؤمنين في أعين الكافرين أولى، لمكان إعزازهم فعنه ثلاثة أجوبة.

أحدها: أنهم لو كثروا في أعينهم، لم يقدموا عليهم، فلم يكن قتال؛ والقتال سبب النصر، فقلَّلهم لذلك.

والثاني: أنه قلَّلهم لئلا يتأهَّب المشركون كل التأهُّب، فاذا تحقق القتال، وجدهم المسلمون غير مستعدين، فظفروا بهم.

والثالث: أنه قلَّلهم ليحمل الأعداء عليهم في كثرتهم، فيغلبهم المسلمون، فيكون ذلك آية للمشركين ومنبِّهاً على نصرة الحق.