التفاسير

< >
عرض

سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ
١
ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ
٢
وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ
٣
وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ
٤
فَجَعَلَهُ غُثَآءً أَحْوَىٰ
٥
سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ
٦
إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ
٧
وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ
٨
فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ
٩
سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ
١٠
وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى
١١
ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ
١٢
ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا
١٣
-الأعلى

زاد المسير في علم التفسير

وفي معنى { سبح } خمسة أقوال.

أحدها: قل سبحان ربي الأعلى، قاله الجمهور.

والثاني: عَظِّم.

والثالث: صَلِّ بأمر ربك، روي القولان عن ابن عباس.

والرابع: نَزِّه ربك عن السوء، قاله الزجاج.

والخامس: نَزِّه اسم ربك وذكرك إياه أن تذكره وأنت معظم له، خاشع له، ذكره الثعلبي.

وفي قوله تعالى: { اسم ربك } قولان.

أحدهما: أن ذكر الاسم صلة، كقول لبَيد بن ربيعة:

إلى الحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلامِ عَلَيْكُما وَمَنْ يَبْكِ حَوْلاً كاملاً فَقَد اعْتَذَرْ

والثاني: أنه أصلي. وقال الفراء: [سبح ربك، و] سبح اسم ربك سواء في كلام العرب.

قوله تعالى: { الذي خلق فسوَّى } أي: فعدَّل الخلق. وقد أشرنا إلى هذا المعنى في [الإنفطار:7] { والذي قَدّر } قرأ الكسائي وحده «قَدَر» بالتخفيف { فهدى } فيه سبعة أقوال.

أحدها: قدَّر الشقاوة والسعادة، وهدى للرشد والضلالة، قاله مجاهد.

والثاني: جعل لكل دابة ما يصلحها وهداها إليه، قاله عطاء.

والثالث: قَدَّر مدة الجنين في الرحم ثم هداه للخروج، قاله السدي.

والرابع: قَدَّرهم ذكوراً وإناثاً، وهدى الذكر لإتيان الأنثى، قاله مقاتل.

والخامس: أن المعنى: قدَّر فهدى وأضل، فحذف «وأضل»، لأن في الكلام دليلاً على ذلك، حكاه الزجاج.

والسادس: قَدَّر الأرزاق، وهدى إلى طلبها.

والسابع: قَدَّر الذنوب، وهدى إلى التوبة، حكاهما الثعلبي.

قوله تعالى: { والذي أخرج المرعى } أي: أنبت العشب، وما ترعاه البهائم { فجعله } بعد الخضرة { غُثَاءً } قال الزجاج، أي: جفَّفه حتى جعله هشيماً جافاً كالغثاء الذي تراه فوق ماء السيل. وقد بينا هذا في سورة [المؤمنين:41] فأما قوله تعالى: { أحوى } فقال الفراء: الأحوى: الذي قد اسود عن القِدَم، والعتق، ويكون أيضاً: أخرج المرعى أحوى: أسود من الخضرة، فجعله غثاءً كما قال تعالى: { مدهامتان } } [الرحمن:64].

قوله تعالى: { سنقرئك فلا تنسى } قال مقاتل: سنعلِّمك القرآن، ونجمعه في قلبك فلا تنساه أبداً.

قوله تعالى: { إلا ما شاء الله } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: إلا ما شاء الله أن ينسخه فتنساه، قاله الحسن، وقتادة.

والثاني: إلا ما شاء الله أن تنسى شيئاً، فإنما هو كقوله تعالى: { { خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إِلا ما شاء ربك } [هود:107] فلا يشاء.

قوله تعالى: { إنه يعلم الجهر } من القول والفعل { وما يخفى } منهما { ونيسِّرك لليسرى } أي: نُسهِّل عليك عمل الخير { فذكِّر } أي: عظ أهل مكة { إن نفعت الذكرى } وفي «إن» ثلاثة أقوال.

أحدها: أنها الشرطية، وفي معنى الكلام قولان،

أحدهما: إن قُبِلَتْ الذكرى، قاله يحيى ابن سلام.

والثاني: إن نفعت وإن لم تنفع، قاله علي بن أحمد النيسابوري.

والثاني: أنها بمعنى «قد» فتقديره: قد نفعت الذكرى، قاله مقاتل.

والثالث: أنها بمعنى «ما» فتقديره: فذكر ما نفعت الذكرى، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: { سيذكَّر } سيتعظ بالقرآن { من يخشى ويتجنبها } ويتجنب الذكرى { الأشقى الذي يصلى النار الكبرى } أي: العظيمة الفظيعة لأنها أشد من نار الدنيا { ثم لا يموت فيها } فيستريح { ولا يحيى } حياة تنفعه. وقال ابن جرير: تصير نفس أحدهم في حلقه، فلا تخرج فتفارقه فيموت، ولا ترجع إلى موضعها من الجسم فيحيا.